Close ad
7-5-2020 | 23:44

عالمنا اليوم يواجه أخطارا متعددة.. تلك الأخطار كانت سابقة لكورونا.. لكنها الآن تتجمع معا في شكل كورونا.. ذلك الفيروس الذي تحول إلى وباء كاشف لتناقضات عصر نعيش فيه كل أشكال التقارب والتباعد فى آن واحد.

فالتباعد الاجتماعي هو مصطلح ظهر كإجراء لمواجهة كورونا.. والحقيقة أن التكنولوجيا خلقت تباعدا اجتماعيا تدريجيا منذ عقدين من الزمان.. فانتقلت التجمعات الاجتماعية من النقاش الجماعي والتفاعل الإنساني في الأسرة وفي الشارع.. إلى مجرد تفاعل الشخص مع وسائل التواصل الاجتماعي منفردا وحيدا مع هاتفه المحمول

تحول عصر المعلومات إلى حرب معلومات وشائعات.. وحرية التجارة إلى حرب تجارية.. وأنفقنا على الحروب بكل أشكالها أضعاف ما تم إنفاقه على أبحاث الطب والرفاهة وتحسين مستويات المعيشة.. ولذك فإنه بالرغم من خطر كورونا على المجتمعات.. إلا أن ما نراه اليوم ليس أكثر من حصاد ممارسات السيطرة والهيمنة والصراع والنزاع الدولي.

ثبت بالفعل ان الاقتصاد مبني على حركة البشر.. وأن الحفاظ على أرواح السكان وحياتهم وحتى أنماط معيشتهم هو الجزء الرئيسي في حركة الاقتصاد.. وأن أرباح الشركات وحسابات الإنفاق ليست هى الأساس في حركة الاقتصاد العالمي.

خطر الفيروسات أو أنماط التهديد غير التقليدية يؤكد للعالم ضرورة التوازن بين أماكن الإنتاج ومناطق الاستهلاك.. فتركز الانتاج واحتكار التكنولوجيا في بلدان بعينها على حساب بلدان أخرى سينشأ عنه مخاطر جديدة في الإمداد.. سيخلق فجوات غذائية وطبية ضخمة.

المخاطر الغير تقليدية سواء كانت الإرهاب أو الفيروسات أو القرصنة الإلكترونية وحروب المعلومات أثبتت أن اقتصاديات الخدمات غير قادرة على الصمود أمام مخاطر القرن الحادي والعشرين.. وأنه بالرغم من أهمية اقتصاديات الخدمات.. ألا أن هناك حاجة ماسة للتوازن بين الإنتاج والخدمات فلم يعد هناك بلد يستطيع البقاء اعتمادا على اقتصاد الخدمات فقط.. وأن هناك حدا أدنى أو خطا أحمر من الاعتماد الذاتي لا يجب المساس به.

ربما من المهم ان ينشأ تغيير عميق في نظرتنا لقطاع خدمات الصحة في العالم.. فلم يصبح كافيا ترك هذا القطاع الحيوي خاضع لاليات السوق والاستهلاك ومصالح الربح والخسارة.. فظهور مخاطر الفيروسات أصبح يفرض اتخاذ تدابير وقائية تقودها الحكومات لتأمين وسائل الحماية لكل بلد.. فالخطر جعل قطاع الإنتاج والخدمات الصحية حول العالم.. في حالة انكشاف.

فيروس كوفيد ١٩ المستجد لن يكون الأخير.. لكنه بداية ليعي العالم.. أن خدمة الصحة جزء لا يتجزأ من منظومات الامن القومي للدول.. وأهمية الاقتصاديات المحلية في توفير قدر من الاعتمادية الذاتية في مواجهة الأزمات والكوارث.. وفوق كل ذلك اهمية منظومات الطوارئ.

لم يفاجئنا فايروس كورونا بشيء.. سوى انه كشف لنا عن حاجتنا إلى نظام دولي جديد يعتمد التشاركية أكثر من السيطرة والتبعية.. وأن عالم واحد يتشارك فيه الجميع هو الصيغة الأكثر توازنا وواقعية.. وأولى قواعد المشاركة هو خلق توازن تنمية وليس توازن صراع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: