Close ad
7-5-2020 | 13:15

تجاعيد وجهها تراجعت قليلا. بدأت علامات الشباب تعود إليها. شعرت بأن أهلها يعاملونها برحمة وعطف. تعترف بأنها عجوز متغضنة ليس لخطأ ارتكبته، ولكن بسبب الزمن والناس.

تتذكر تاريخها، فتجد أن عناصر جمالها تلاشت شيئا فشيئا. أصبحت تخجل من نفسها، بعد أن كانت تتباهى بجمالها وقدرتها على إسعاد الآخرين. دائما ما يكسوها حزن نبيل. قدمت كل ما تقدر عليه لإراحتهم، ولم تلق سوى النكران والإهمال.

من فرط التشوهات التى طالتها عبر العقود الأخيرة، تبدو القاهرة مدينة بلا قلب، كما أطلق عليها شاعرنا الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى فى ديوان رائع يحمل الاسم نفسه صدر قبل 61 عاما. لقد وضع سكانها ومسئولوها معايير البناء والجمال جانبا، وحولوها لغابة إسمنتية، ثم تخلصوا من مساحاتها الخضراء وجعلوا شوارعها فوضى، بحيث أصبح المشى فيها تجربة غير سارة بالمرة مع أنه أحيانا يكون أسرع من ركوب السيارة.

ثم جاء كورونا، فإذا بالقاهريين يلتزمون منازلهم ويخفون الضغط على شوارعها ومرافقها، والتلوث الهائل الذى كان سمتها البارزة، يتراجع قليلا، والشوارع تعود آدمية من جديد. بدأت علامات الصحة تظهر، وإن على استحياء، حتى إنها عادت لتتنفس بعض الهواء النقى. أصبحت تشعر بأن قيم الرحمة والتعاطف والإنسانية خاصة تجاه عزيز قوم ذل، لا تزال موجودة بالقلوب.

القاهرة الآن، تتطلع لأن تكون مثل مدن أخرى أقل منها جمالا وتاريخا وعبقرية. مدن استغلت الوباء وبقاء الناس ببيوتهم لإصلاح الأرصفة وفتح شرايين مرورية جديدة وإعادة الخضرة والنضارة لوجهها.أيضا لمواجهة مشاكل مزمنة كالحفر والمطبات والمواقف العشوائية.

بالتأكيد، كورونا كارثة إنسانية لكنها للكائنات الأخرى وحتى للحجر، فرصة للراحة والتقاط الأنفاس من اعتداءات البشر على الطبيعة. بعض الحيوانات بمدن عديدة شعرت بالأمان، فخرجت مطمئنة للشوارع التى كانت حكرا على الناس. إنها عظمة الخالق الذى يجعل من آلام الكائن البشرى، رحمة للآخرين.

القاهرة الآن، تخوض تجربة لم تمر بها منذ قرون.. تشعر أن هناك شعاع أمل. تتمنى أن يطول سبات الناس بمنازلهم. إنها متفائلة لكن فى صمت يليق بها وبتاريخها.

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
بين السياسي والبيروقراطي!

السياسى يستشرف ردود الفعل، يتفاوض ويجس النبض ويساوم ويعدل ثم يخرج بالقرار للعلن. ربما يكون أقل من طموحه لكنه يضع نصب عينيه أن السياسة فن الممكن لا المستحيل.

رسائل الهجوم الأمريكي!

عندما أمر ترامب فى أبريل 2018 بشن هجمات عسكرية على سوريا بعد اتهام النظام السورى باستخدام أسلحة كيماوية فى «دوما»، سارع بايدن ونائبته الحالية كامالا هاريس

أريد عناقا!

في العالم الذي رسمه الروائي البريطاني جورج أورويل بروايته الأشهر «1984»، ينسحق الفرد أمام حكومة خيالية تتحكم في كل حركاته وهمساته. تحسب عليه أنفاسه وأحلامه.

أولياء الأمور والسوبر ماركت!

حتى نهاية الثمانينيات، ظلت الحياة هادئة، إن لم تكن رتيبة، فيما يتعلق بالعملية التعليمية. تدخل الوزارة نادر، والتغييرات طفيفة. اهتمام أولياء الأمور كان

نيتانياهو وعالم اللا معقول!

تابعت الضجة التى أثيرت حول ما ذكره الفنان المصرى الكبير محمد منير فى مكالمته الهاتفية مع لميس الحديدى فى برنامجها المتميز، كلمة أخيرة، حول ماعرض عليه من

زورونا كل سنة مرة!

لست وحدك. تنتخب من يمثلك بالبرلمان أو جهة العمل أو بنقابتك، فإذا به بعد النجاح يقوم بعملية فرار طويلة ولا يعاود الظهور إلا مع استحقاق انتخابي جديد. تبحث

كيف تدمر حزبًا؟!

لأسباب عديدة، تسكن الانقسامات أحزاب اليسار أكثر من اليمين. الانضباط الحزبي حديدي داخل اليمين، بينما التماسك والالتزام ضعيفان لدى اليسار الذي تشله الخلافات

فلاسفة التوك شو!

ليست هذه هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي يمتشق فيها مذيع سيفًا خشبيًا يوجه به طعنات من الإهانات والسخرية والإساءات لفئة من الشعب، هو نفسه فعلها

تركة على حميدة؟!

كيف سيتذكر الجيل الجديد مبدعينا وفنانينا والمشاهير الذين يختارهم الله إلى جواره؟. وماذا سيبقى منهم؟ للأسف، ليست هناك إمكانية أو قدرة من جانب كتابنا وباحثينا

فى مدح الإعلام العام!

أحد أسباب توقف الحروب وسيادة السلم في فترات زمنية معينة أن البشر لم يكونوا يتقاسمون المنافع والخيرات فقط؛ بل الحقائق المشتركة أيضًا. الآن، لم تعد هناك

كلمني شكرًا!

«بيبى.. أنا لا أوافق على أى شىء تقوله، لكنى أحبك». هكذا كتب بايدن ذات مرة عن علاقته مع نيتانياهو. مر نحو شهر على توليه الرئاسة ولم يرفع سماعة التليفون

احذف واعتذر!

هاتان الكلمتان رسالة وجهتها صحيفة الجارديان إلى كاتب عمود بعد نشره تغريدة سخر فيها من السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، واعتبرتها الصحيفة كاذبة بل معادية للسامية، لينتهي الأمر بوقف التعامل معه.

الأكثر قراءة