Close ad

مصطفى النجار يكتب: خريطة طريق لإعادة السياحة الدولية

4-5-2020 | 16:55

حسناً ما أعلنته الحكومة برئاسة الدكتور/ مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء عن خطتها لإعادة السياحة الداخلية والإقامة بالفنادق وفق إرشادات منظمة الصحة العالمية وذلك بنسبة 25% حتى أول شهر يونيو المقبل تزداد إلى 50% طوال الشهر نفسه.

لن أتحدث هنا عن هذه الضوابط أو الإرشادات فقد تم النشر عنها بما يكفي، فقط أشير أن هذه الخطة أو قرار إعادة السياحة الداخلية جاء بعد اجتماع للدكتور مدبولي بوزراء السياحة والآثار د. خالد العناني والصحة د. هالة زايد والطيران المدني الطيار محمد منار عنبة.

وربما لا يخفي على أحد أننا في ذلك نراعي الأضرار الجسيمة التي حطت على هذا القطاع بسبب وباء كورونا وجعلت إيراداته "صفر" وأقعدت العاملين في بيوتهم وأحدثت أزمة غير مسبوقة في توافر السيولة في شركات الطيران والفنادق والسياحة منعتهم من القدرة على توفير مرتبات العاملين ليس في مصر فقط؛ بل في العالم كله؛ مما أجبر دولاً كبرى على تخصيص مبالغ بملايين الدولارات وأحياناً المليارات لإنقاذ هذا القطاع.

من هنا جاءت خطة الحكومة المصرية لإعادة السياحة الداخلية في محاولة لضخ دماء في شرايين هذا القطاع الحيوي مع التأكيد على عدم التهاون في تنفيذ الإجراءات الاحترازية الخاصة بمواجهة كورونا، وذلك تجنبا لتداعيات قد تحدث انهياراً اقتصادياً بشكل عام في هذا القطاع أو غيره وهو ما تلجأ إليه كل دول العالم للهروب من ويلات هذا الانهيار الاقتصادي.

لكن نحن المتخصصين من أمثالنا في عالم السياحة ندرك تماماً أن السياحة الداخلية ربما تكون هي "النواية التي تسند الزير" لكنها لن تكون أبداً هي التي يمكن أن تنقذه من عثرته لأننا نعلم تماماً أن السياحة الداخلية في مصر تحديداً هي سياحة "موسمية" أو سياحة مناسبات في الأعياد والإجازات فقط، ولذلك لا يمكن أن تعتمد عليها شركات السياحة والفنادق وحتى مصر للطيران أو شركات الطيران الخاصة.

وربما يكون أحد دوافع القرار هو استغلال إجازة عيد الفطر المبارك المقبل لكنها في النهاية ستكون إجازة وتنتهي خلال أيام وتعود السياحة الداخلية إلى سيرتها الأولى، خاصة أن العديد من الأسر ستكون مازالت مشغولة بالامتحانات ونهاية العام الدراسي، وبالتالي فإن فكرة قدرة السياحة الداخلية على إنقاذ القطاع ستظل محدودة؛ خاصة في ظل استمرار كارثة كورونا وتخوف الناس من السفر، وربما لعلمهم أن الفنادق ستطبق عليهم ضوابط صارمة في الإقامة والخروج والأطعمة وحتى أماكن السهر والشيشة، وهو ما يرفضه كثير من الناس، وبالتالي سيكون البديل عدم السفر أو حتى في حالة السفر حدوث مشاكل بالجملة مع الفنادق.

طبعاً وزارة السياحة والآثار أمامها مهمة ثقيلة وهي متابعة تجهيز طبقاً للضوابط الجديدة للإقامة والإرشادات الاحترازية لمنظمة الصحة العالمية لمواجهة كورونا، وكذلك لتدريب العاملين على كل ذلك وإعطاء شهادة للفنادق بجاهزيتها لتفتح أبوابها أمام السياحة الداخلية.

ومن هنا يقول البعض إنه من الصعب اللحاق بكل هذه المهام، ولكن علينا العمل لاغتنام فرصة إجازة عيد الفطر وما بعدها حتى لو لم تمتلئ الفنادق بنسبة 25% أو 50% في شهر يونيو بعد العيد.

في هذا الإطار كله فنحن ممن يحبون متابعة تجارب الآخرين، وخاصة الدول الكبرى، فكما أوضحت في بداية المقال عن حجم المبالغ التي تم منحها للشركات لإنقاذه .. وها نحن نتابع في الأيام الأخيرة أن عدداً من الدول السياحية بدأ يفكر في إعادة السياحة الدولية هروباً من الانهيار الاقتصادي الكبير؛ بل إن بعض الدول أعلنت عن وضع جداول لرحلات شركات الطيران ابتداء من منتصف هذا الشهر مع الاحتفاظ بحقها في إلغاء الرحلات حال عدم اكتمالها، أول حال رفض بعض الدول التعاون في استقبالها.. المهم أن إرهاصات الاستعداد لإعادة السياحة الدولية بدأت هذه الأيام.

وحتى لا نكون بعيداً عما يحدث في العالم فإنني أطرح اليوم تصوراً أو خريطة طريقة لإعادة السياحة الدولية إلى مصر، يمكن أن تدرسه الحكومة والوزراء المعنيون؛ لأن الإعداد لهذه السياحة يتطلب أموراً أخرى فضلاً عن الإجراءات الاحترازية الصحية بالطبع.

هذه الخريطة من وجهة نظري أن العالم عائد .. عائد إلى السفر؛ لأن دول الكتل السياحية الكبرى في أوروبا أو الصين أو غيرها بها نفس الوباء؛ بل وبأعداد وفيات أكبر من مصر - بفضل الله على مصر وإجراءات الحكومة - وبالتالي فإن دافعه إلى السفر ربما يكون أقوى من استمراره في مكانه أو مدينته أو دولته؛ ولذلك فإن لنا في مصر فرصة مع قدوم شهور الصيف على أن تبدأ خطوات تنفيذ خريطة الطريق التي نقترحها لإعادة السياحة الدولية على الوجه التالي:

(1) أن تعلن مصر من الآن استعداد عودة السياحة الدولية من بداية شهر يوليو المقبل؛ وذلك اعتماداً علي انتهاء فترة التجربة بالنسبة للسياحة الداخلية أو في شهر أغسطس على أقصى تقدير.

(2) ذلك يتطلب أن تبدأ وزارة الطيران المدني ومصر للطيران في الإعلان عن رحلات إلى مصر مع الالتزام بكافة الإرشادات الصحية والضوابط الجديدة للإقامة بالفنادق وتعقيم المطارات والطائرات ووضع قواعد صارمة لركوب الطائرات والأطعمة عليها والتعامل مع أطقم الطائرات بشكل عام.

(3) أن تشترط مصر عدم زيادة الإعداد بالفنادق عن نسبة 50% حتى لا يخاف السائح من التجمعات. مع توافر كافة سبل الحماية بالغرف وصالات الطعام والأماكن المفتوحة بالفنادق.

(4) يمكن أيضاً الإعلان عن تجهيز غرف بالفنادق ومراكز طبية للعلاج وفي حالة الإصابة أو الشك في الإصابة للسائح، وأن يتم الإعلان عن الإجراءات الصحية التي يتم اتباعها مع العاملين بالفنادق بشكل مستمر.

(5) أن نعلن أيضًا أن عودة السياحة الدولية ستكون في أسواق محددة ولجميع الأعمار ما عدا "كبار السن" لخطورة تعرضهم لأية إصابة بهذا الفيروس ويمكن تحديد السن بـ 65 سنه مثلاً.. وربما أيضًا للسيدات الحوامل وهذه النقطة يجب أن تكون محل دراسة حتى لا تكون النتيجة عكسية على مصر ويستغلها الإعلام الغربي.

(6) أن تطلق مصر حملات ترويجية من الآن عن هذه القواعد أو الشروط أو خريطة الطريق لعودة السياحة الدولية، ويمكن متابعة ردود الأفعال قبل التنفيذ الفعلي من شهر يوليو المقبل.

** هذه رؤيتي بكل تواضع .. أضعها أمام دولة رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي ووزراء السياحة والآثار والصحة والطيران المدني للدراسة والتدقيق.. لعلها تكون قابلة للتنفيذ .. بما يحقق مصلحة مصر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصطفى النجار يكتب: عين على متاحف مصر من عين الصيرة

ماذا يحدث في مصر؟ وما هذا المستقبل المشرق الذي يقودنا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي؟ وماذا يحدث في متاحف مصر والمناطق المحيطة بها على وجه التحديد؟

مصطفى النجار يكتب: سؤال مؤلم لغرفة شركات السياحة

عجيب ما يحدث في غرفة شركات السياحة هذه الأيام بمناسبة الإعلان عن بدأ موسم العمرة.. فمن المفروض أن الغرفة مسئولة عن تنظيم عمل شركات السياحة والدفاع عن مصالح هذه الشركات

مصطفى النجار يكتب: السياحة تسويق جديد وتجربة مثيرة!

فى زيارة سريعة إلى مدينة الغردقة مع نخبة من الكتاب والصحفيين، كنا في صحبة الوزير النشيط الكفء الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار لحضور احتفال مصر

مصطفى النجار يكتب: المطورون العقاريون.. نظرة يا د.مدبولي!

بداية أقول إن القضية التي أناقشها اليوم ليست قضية بضعة آلاف من البشر وفقط.. بل هي قضية مجتمع ننشد له التقدم والتطور ووضع أسس ونظم حاكمة لحياة المواطن المصري أيًا كان مستواه الاجتماعي أو الاقتصادي.

مصطفى النجار يكتب: مأساة ميريديان القاهرة .. وشيراتون الغردقة!

للأسف هذه القضية أكتب فيها منذ ما يقرب من عشرين عامًا, وحتي هذه اللحظة التي نقرأ فيها هذا المقال لا أجد أملًا أو ما يشير إلى انفراجة للتغلب على هذه الأزمة, أو قل المأساة.. لأنها بالفعل مأساة.