رمضان شهر الطاعات والعبادات، بدل أن يكون فرصة للاقتصاد في النفقات، بات مصريا وعربيا شهرا لالتهام الطعام ومتابعة الفوازير والمسلسلات..
هكذا حولنا رمضان، بدلًا من أن يكون فرصة لكل أسرة لالتقاط أنفاسها وخفض إنفاقها على الغذاء، ترى كثيرًا من الأسر المصرية حين يقترب الشهر الكريم لسان حالها يقول "ربنا يستر"، طبعًا من حجم الإنفاق الذى يجب أن تدبر له موارده لتغطية نفقات رمضان، وهى المرهقة، بل والمهترئة اقتصاديا أصلا قبل حلوله بسبب وباء كورونا..
مخاطر السمن الصناعى: الصحة في رمضان تكون محل تساؤل واهتمام أكثر من أى شهر في السنة، وهى فرصة للتذكير ببعض خطايا التغذية في رمضان، ويأتى في مقدمتها الإفراط في استخدام السمن الصناعى "الزيوت المُهدرجة"، وهى في مجملها زيوت نباتية تحتوى على نسبة عالية من مادة أوميجا 6 التى تتسبب في مشاكل صحية خطيرة كأمراض القلب والسرطان، خصوصا سرطان الجلد.
والكارثة أن الفضائيات في رمضان تحديدا، تغرق الناس بطوفان من إعلانات السمن الصناعى، تحت مزاعم أنه بطعم الزبدة الفلاحي، وأنه صحي ومفيد، وأن طعام الإفطار وحلويات رمضان، بل وكعك العيد "مش هيكون حلو وتحبه الأسرة كلها ما لم يكن مصنوعًا بالسمن الصناعى"..
فهل يأتى يوم نجد فيه تحذيرات على عبوات هذه الأنواع من "السمن الصناعى" من أنها تحتوي على نسبة من الدهون المخالفة الضارة بالقلب والمسببة لارتفاع الكوليسترول، أسوة بالتحذيرات المكتوبة على علب السجائر؟!
نأتى إلى مشكلة صحية أخرى، هى مادة "الأكريلاميد" الضارة في كثير من الأغذية المحمرة التي يلتهمها المواطن المصري يوميًا وبكثرة، سواء في الخبز ومنتجاته كالبسكويت والتوست والبقسماط أو الطعمية والباذنجان المقلي والبطاطس المحمرة والشيبسى، وهى مادة اعتبرها العالم منذ اكتشاف خطورتها نهاية عام 2002، الشر القادم من الغذاء، باعتبارها مادة مسرطنة..
ففى دراسة للجريدة الطبية "نيوإنجلاند" فإن تناول كيس من البطاطس المقلية يوميا يتسبب في زيادة حوالى كيلوجرام سنويا، إذ يتم قلى البطاطس في درجة حرارة عالية جدا تتسبب في توليد مادة أكريلاميد، التى تصنف ضمن أخطر المواد المسرطنة.
وقبل أن نغادر تحذيرات الأغذية المقلية، يحذر الخبراء من أن قلى السمك ضمن مسببات الإصابة بالسرطان، حيث اعتاد الكثيرون قليه مخلوطا بالدقيق، رغبة في الحصول على سمك مقرمش؛ مما قد يسبب مخاطر صحية، لهذا ينصحك الخبراء إذا كنت تبحث عن الحياة الغذائية الصحيحة عليك التحلى ببعض تقنيات الطبخ، أهمها تجنب وضع الدقيق في السمك أثناء قليه، بل وينصحونك بعدم استخدام المقلاة أساسا أثناء طهي السمك، وبدلا عن ذلك يمكنك استخدام الفرن في درجة حرارة منخفضة للحصول على طعام آمن صحيا.
وعلى ذكر الدقيق، فإن الدقيق الأبيض المُعالج، الذى يدخل في مختلف أنواع الخبز والعجائن التى نتناولها بشكل يومى، يشكل بدوره خطورة على أجسامنا. فالطريقة التى يتم بها الحصول على الدقيق الأبيض تتم بطحن القمح وتركه لفترة طويلة حتى يتحول لونه إلى الأبيض، لكن اليوم بسبب الاستهلاك المتزايد له لم يعد طول الانتظار في صالح الصُناع والتجار وبالطبع أفواه المستهلكين، لذا يتم استخدام غاز الكلورين المُسرطن في تبييض الطحين في دقائق معدودات!.
الطماطم المُعلبة.. في حين أن الطماطم من الخضر المكافحة للسرطان، لكن على النقيض من ذلك تعد الطماطم المُعلبة من الأطعمة المسرطنة، والسر في مادة بايبينول التى تستخدم في التعليب، وقد أصدرت الأكاديمية الوطنية الأمريكية تقريرا في عام 2013 تشير فيه إلى أن تلك المادة تسبب بعض التغيرات، التى تؤدى بدورها للإصابة بالسرطان، وبالطبع تكون تلك التأثيرات تراكمية، لذا تنصح منظمة الصحة العالمية بعدم تناولها وخصوصا بالنسبة للأطفال.
وهل تعلم أن أواني الطبخ وبعض مواد التغليف المستخدمة في الطبخ محل خطورة شديدة، ففيما يخص أواني الطبخ، هناك مشكلة قد لا يدركها كثير من الناس، ألا وهى مادة التيفلون "التيفال" المستخدمة في طلاء أواني الطبخ، فتركيبتها الكيميائية مُضرة بصحة الإنسان.
وهناك فيلم وثائقي أمريكي بعنوان: "الشيطان الذي نعرفه" كشف آثارها الكارثية بسبب استخدامها في أواني الطبخ، فمادة "التيفلون السحرية"، كما كانوا يصفونها، ظهرت عقب الحرب العالمية الثانية واعتبرها العلماء الأمريكيون فتحاً في عالم صناعة أواني الطبخ.
وقد وُجّهت الدعايات التليفزيونية وغيرها آنذاك لمخاطبة حاجات ربات المنازل بشكل خاص عبر تركيزها على إبراز سهولة تنظيفها من بقايا مواد القلي المتبقية على سطحها..
أما عن ورق "الألومنيوم"، فينبغd التفكير مرتين قبل استخدامه، فقد صُمّم "الفويل" لتغليف الأطعمة، وليس لاستخدامه في عملية الطبخ.
وهناك قائمة طويلة من الأمراض التى قد يسببها ورق القصدير "الألومنيوم" بسبب تسرب مكوناته بفعل الحرارة إلى جسم الإنسان، منها الزهايمر وفقر الدم ونقص الحديد والأنيميا، ونقص الزنك، وهو من أهم العناصر المطلوبة في الجسم لتقوية جهاز المناعة في مواجهة فيروس كورونا.
ما يؤسف له، أن غياب جمعيات فاعلة لحماية المستهلك في مصر، كما في الغرب، أفقدنا كثيرا من التوعية المطلوبة بمخاطر بعض مكونات الأغذية، والطرق الصحيحة للتعامل الآمن مع الغذاء، فالغذاء ثقافة وعلم قبل أن يكون مجرد "حشو بطن"، وإن لم يؤد نظامك الغذائي إلى تحسين صحتك، فاعلم أنه غير متوازن..