حديث المليارات والملايين فيها أصبح عاديا. يبدو أفرادها وكأنهم لا ينتمون إلى بقية سكان الأرض. الشهرة والثراء عنوانهم. بلغت قيمتها 471 مليار دولار عام 2018. توقع الخبراء أن تحقق أعلى نسبة نمو بالمقارنة بأية صناعة أخرى خلال السنوات المقبلة.
نبدو كمشاهدين لا شيء فى صناعة الرياضة العملاقة. أرقام ضمن مليارات يتابعون الأنشطة الرياضية، مع أنها بدون الأموال التى ندفعها لحضور المباريات أو مشاهدتها تليفزيونيا، لن تقوم لها قائمة.
وعلى عكس الفنان الراحل محمد عبدالوهاب بأغنيته الشهيرة (كلنا نحب القمر) التى ينعى فيها حظه قائلا: كلنا نحب القمر والقمر بيحب مين.. حظنا منه النظر والنظر راح يرضى مين، كنا نرضى بالمشاهدة. نغادر عالمنا الأرضى ومشاكلنا اليومية كى تكتحل أعيننا بمن يحلقون فى سماء الإبداع والمهارات الاستثنائية.
عبر الريموت كنترول، نشعر بأننا نجلس باستادات لندن ومدريد وروما وبرلين متابعين ومنبهرين. ثم جاء محمد صلاح ليغير قواعد التشجيع والمشاهدة والمتعة عندنا. أصبحنا على موعد مع الفرحة والفخر من خلال مباريات ليفربول، والمتابعة التى لا تتوقف لتحركاته وهمساته. أدركت الصحف أنه مادة صحفية تبيع. أخباره عنصر أساسى بالصفحات الأولي، كما لم يحدث لنجم رياضى مصرى من قبل. اهتمامنا به كان مبالغا فيه أحيانا وربما ظالما له، لكنه امتنان لشاب أعطانا ثقة بأنفسنا، وأننا يمكن أن نحلم بمكان بين الأساطير. أيقظ فينا روحا وطنية لم نعهدها منذ سنوات.
ثم جاء كورونا، فأصاب الرياضة كلها فى مقتل. توقفت المباريات وأغلقت الأندية أبوابها، تضاءل الاهتمام بالرياضة، وقلصت الصحف مساحات التغطية لدرجة أن نيويورك تايمز ألغت طبع ملحقها الرياضي. الخسائر باهظة والصناعة نفسها تعيش أصعب أيامها.
لكن خسارتنا كمشاهدين لا ناقة لهم ولا جمل فى المليارات التى تجيء أو تذهب، أكبر وأصعب. توقفت متعتنا شبه الوحيدة. أصبح جدول مباريات ليفربول الذى نحفظه، من الماضي. لم يعد صلاح يملأ حياتنا. إنه حالة نفسية مبهجة، ويجب أن يظل كذلك. وكما يقول نزار قباني.. الحب فى الأرض بعض من تخيلنا لولم نجده عليها لاخترعناه.
نقلا عن صحيفة الأهرام