14-4-2020 | 15:37
فى ظل الذعر العالمى من جائحة كورونا لم تتوقف في مصر حلبة الصراع بعيدة المسافات عن الروح الرياضية والأخلاق التي يشتبك فيها نجوم الرياضة والمنتسبون للحقل الرياضي من نقاد ومحللين، في معارك دائرة وانتقادات تتجاوز الحدود المتعارف عليها، تصل في كثير من الأحيان إلى السخرية من الأشخاص بطريقة تبث الكراهية والعنصرية.
النشاط الرياضي في كل المجالات متوقف فلماذا إذن هذه الحالة؟ التي تعكس مناخا سلبيا لا يمت من قريب أو بعيد بصلة إلى الوظيفة الأهم التي من أجلها وجدت ممارسة الرياضة.
كان الاعتقاد هو أن تكون جائحة كورونا بمنزلة الفرصة السانحة لوقف كل أشكال التعصب والاستفزاز التي يفرزها كل يوم الجسد الرياضي الملوث في مصر غير أن ما تكرر هو المزيد من التراشق وتصفية الحسابات وتصدير صورة لا أحد يتمناها عن الرياضة ونجومها.
كان مثيرا أن يظهر نجم كبير بسنوات العطاء والممارسة وحصد البطولات ويعترف بأنه لم يكن له في أي يوم من الأيام صديق بين جميع اللاعبين مفسرًا الدافع وراء ذلك بأنه لا يحب إلا نفسه حتى يصبح الرقم الأول.
لا يختلف اثنان على قيمة المثابرة والإصرار غير أن الرياضة هي في الأساس دعوة للروح الرياضية والصداقة وشرف المنافسة، وقد يكون لنا عبرة في موقف نبيل يتوجب هنا ذكر اسم صاحبه كنموذج مشرف لا تتذكره الأجيال الشابة؛ لكنه حفر اسمه في كتاب التاريخ العالمي الخالد في دورة الألعاب الأوليمبية في لوس انجلوس، هو البطل الأوليمبي محمد رشوان الذي حرص على عدم الضغط على الساق المصابة لمنافسه الياباني في المباراة النهائية، وحرم نفسه من ميدالية ذهبية واكتفى بالفضية، وكانت النتيجة أنه أصبح بطلا وقدوة عالمية، ومنحته اليابان أعلى الأوسمة لفروسيته هذه هي الرياضة التي تعنى الروح العالية.
عندما نقرأ تغريدة نجم كبير بعد اعتذار وكيل أعماله عن عدم الاستمرار معه لتباعد المواقف، نجد أنه كتب عبارات بعيدة عن الروح الرياضية والثقافة العامة وتضمنت كلمات خادشه للقيم والحياء، وسرعان ما حذفها بعد أن تلقى نصائح بالجملة، كيف يفكر لاعب مشهور بهذه الطريقة؟
الجميع يتابع عشرات المرات سلوكيات نجوم وهى تضرب وتعتدى داخل البساط الأخضر وخارجه وهى محمية باسم النادي، ويدافع عنهم ولم تكن الأحداث المؤسفة في الإمارات بين قطبي الكرة إلا عينة صغيرة من عدم الانضباط والفوضى وعدم احترام القانون.
عدوى بث مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للمنتسبين للوسط الرياضي تضرب الكل وأصبحت وسيلة لتوجيه السباب والشتائم واستخدام ألفاظ تخدش الحياء العام، حتى من يقيم خارج مصر يبث في اليوم أكثر من فيديو وهو يتناول ما يحدث في داخل الأندية بثقة العارف ببواطن الأمور، والحقيقة بعيدة تمامًا عن كل ما يردده، لكن الجري وراء تحقيق مشاهدات مرتفعة لتحقيق العائد المادي يجعله وغيره في سباق محموم من أجل ذلك دون ضمير أو حرص على المصداقية.
فى هذه المقاطع تجاوزات وعبارات يطلقها هؤلاء تعطي الانطباع العام كما لو كانت نهاية الدنيا على الأبواب، منتهى القسوة في الوصف وقاموس الكلمات الذي يستخدم من تلك النوعية التي يحظر على الصغار سماعها وتندرج تحت طائلة القانون، ويلجأ هؤلاء إلى الحيل في تصدير مقاطع الفيديو بعناوين مثيرة وأحيانا قد تكون غير موجودة ضمن محتوى الفيديو، كل هذا بهدف تضليل المشاهد وتحقيق نسب المشاهدة العالية. اللافت أن مع كثرة هذه النوعية من الفيديوهات وانتشارها وتأثيرها الضار على الصحة النفسية للمجتمع لا تحدث المساءلة القانونية لأصحابها وهناك قضايا عديدة متداولة في هذا الشأن.
من هنا تصبح الرياضة الحقيقية هي التي يمارسها المواطن العادي وهي رياضة الهواة التي يداوم عليها للحفاظ على صحته وسلامته، أما رياضة الاحتراف فهى تخرج عن المعنى المأمول للرياضة في ظل ما يحدث من معارك واتهامات وسباب وتلويث للسمعة وعدم احترام للقواعد أو للمنظومة.
هي ليست دعوة ضد رياضة الاحتراف التي ترفع علم الدولة وتمنحها المجد في المحافل الدولية عندما تكون ملتزمة وتخلو من الدخلاء؛ لكنها قراءة في صورة لا نتمنى أن يراها أحد بهذا الشكل، وأن تعود الرياضة التي نفتقدها.
كلمات البحث