الهدف الأساسى من السجن إصلاح وتهذيب السلوك السلبى للأفراد الخارجين على قواعد المجتمع؛ ولكن الدراسات أثبتت أن السجون عادة ما تفشل فى تحقيق هدف الإصلاح والتهذيب بل المؤسف أن السجناء أو كثيرًا منهم يخرج أكثر إجراما نتيجة مخالطة زملاء بعضهم أكثر خبرة فى الجريمة؛ لأن السجون بوجه عام بيئة مناسبة للقاء والاختلاط بمجموعة كبيرة من الخارجين على القانون وبعضهم له سوابق وخبرات كبيرة فى الجريمة.
ويتم نقل وتناقل خبرات السجناء بين بعضهم البعض من خلال التعلم بالمشاركة لكل أشكال الجريمة والانحراف؛ بمعنى قد يدخل السجن بعض المخالفين للقانون فى بعض الانحرافات أو الجرائم الصغيرة؛ ولكن من خلال معايشته لمجرمين آخرين لديهم سوابق وجرائم كبيرة فى مجالات أخرى يتم تناقل هذه الخبرات ويزيد الجميع من خبراته ومستوى الجريمة لأعلى مستوى؛ نتيجة هذه المعايشة؛ أى أن معظم من يدخل السجن أول مرة تكون خبرته ومعلوماته محدودة فى مجال الجريمة والانحراف بوجه عام، وبعد اختلاطه بسجناء آخرين بعضهم أكثر خبرة وانحرافا تُصقل خبرات الجميع من خلال تبادل الخبرات ويصبح الجميع أكثر خبرة فى مجال الانحراف.
وتشير نتائج دراسة إنجليزية إلى عودة 50% من السجناء من الرجال للسجون مرة أخرى و40% من النساء و80% من الأحداث، كما أن للسجون تكلفتها الباهظة فى رعاية السجناء؛ سواء من حيث تكلفة الإقامة والنظافة والصيانة أو التغذية والرعاية الصحية وخلافه، ومن ثم أخذت كثير من الدول فى البحث عن فرض عقوبات بديلة للسجون بحيث تقتصر السجون على عدد محدود جدًا من الجرائم وللأشخاص الذين ثبت فشل كل الوسائل السابقة، وأصبح ليس هناك وسيلة أخرى سوى السجن لحماية المجتمع من شرهم وهم عادة نسبة قليلة من إجمالى الخارجين على القانون، وفى الوقت المعاِصر وبعد انتشار كورونا أصبحت تكلفة السجون أعلى تكلفة مع وجود مخاطر التجمعات ونشرالعدوى.
ومن هنا أصبحت بدائل السجون الآن أكثر ضرورة وأهمية من ذى قبل وعلينا دراسة هذه البدائل والتجارب الدولية والبدء فى تطبيقها تدريجيا مع تقيم التجرية والتوسع فيها تدريجيا، ويمكن البدء بمشكلة الغارمين والغارمات مثلا؛ وخاصة بالنسبة للمبالغ المحدودة أقل من 30 أو 40 ألفا مثلا فقد تستلف أم أو أب لزواج ابنته، ثم يعجز عن السداد هنا ماذا نستفيد من سجنه وقد نصرف على سجنه مبلغًا أكبر من المبلغ سبب السجن وهنا يجب إجراء دراسة اجتماعية لمعرفة مدى الأحقية فى المساعدة وعند عدم الاستحقاق يكلف بالعمل بنصف أجر فى أى مكان للدولة بدلا من العمالة المؤقتة المنتشرة الآن لعدم توافر درجات وظيفية أو أى مكان آخر.
وهناك عقوبات أخرى متعددة مثل الحرمان من بطاقات التموين مثلا أو من استخراج رخصة قيادة أو منع البعض من تراخيص الأعمال التجارية أو مزاولة حقوقه السياسية فى الترشح والانتخاب وخلافه وكل حسب نوعية وحجم المخالفة، وقد يكون العقاب القيام بالعمل فى خدمة أحد القطاعات الرسمية دون أجر مثل المدارس أوغيرها، وهناك الآن الحبس المنزلى من خلال المراقبة الالكترونية والتفتيش الفجائى والمنع من السفر، وهناك التشهير وقد تكون البدائل غرامات مالية كبيرة أو الحجر والعقاب، بالطبع يختلف حسب اختلاف المخالفة أو السلوك المنحرف وحسب ظروف الشخص وفى النهاية هناك الإعدام لمن يستحق، وهذا كله بالطبع سيخضع لدراسات تفصيلية من جانب الخبراء والمتخصصين مع الاستفادة من التجارب الاجنبية فى هذا المجال، وفى ذلك تخفيف للعبء الملقى على الدولة ووزارة الداخلية من ناحية وحماية للمجتمع مما قد يسهم فى الحد من الجريمة على المدى البعيد، كما تشير نتائج بعض الدراسات الأجنبية.
ومن هنا أهمية الدراسة الشاملة لهذه القضية، وخاصة مع ظهور الأوبئة وخطورة انتشارها وتكلفة الحماية والوقاية.