Close ad

الموهوب والمجتهد ومن يمثل بفلوسه!

13-3-2020 | 19:38

في فن التمثيل لا يمكن أن يتساوى الموهوب مع المجتهد، ومع من يمثل من أجل الشهرة أو الفلوس، وهي قاعدة ليست في التمثيل فقط؛ بل في كل المجالات، ولكنها تبرز أكثر في الفنون؛ لأنها تفترض وجود من يقيم المؤدي، وتفترض وجود متلقي، برغم إنه في مجالات مثل إبداعية أخرى يستوجب أيضًا توافر المتلقي للقياس ولمعرفة جودة المنتج من عدمه.

في فن التمثيل مواهب كثيرة جدًا يقف عندها المتلقي وهو المشاهد أو المتفرج في المسرح، قد يكون عمل واحد يكشف فيه الفنان عن موهبته، ويصل في الأداء إلى قمته، وهنا يشار إليه، ويتم إلقاء الضوء على هذا العمل، فيتم الكشف عن موهبته الكامنة؛ كما حدث مع نجوم كثيرين من قبل، عاشوا سنوات طويلة يمثلون في الظل يقدمون أعمالًا مسرحية ومشاركات سينمائية، دون أن تتاح لهم فرصة الإمساك بخيوط اللعبة، ولا أذهب بعيدًا إلى نجوم كبار، أو أزمنة بعيدة، ولكن هنا أتحدث عن نماذج كالتي أفرزها مسلسل "حديث الصباح والمساء" مثلا فهو من أكثر الأعمال التي تبارى فيها الجميع، وكانت المنافسة بين كل ممثل بداية من ليلى علوي وعبلة كامل وأحمد خليل، ومرورا بتوفيق عبدالحميد، وخالد النبوي، وحتى أصغر ممثل..

هذه مواهب، وجدت في حوار المبدع محسن زايد رحمه الله، عن نص للأديب الكبير نجيب محفوظ، ضالتهم، ونجح في إدارة المنظومة الإبداعية المخرج أحمد صقر، وهذا مجرد مثال على مسلسل تليفزيوني، أما السينما فالأمثلة كثيرة جدًا، من مشهد واحد برع فيه الراحل خالد صالح مع أحمد السقا في فيلم "تيتو" في عام 2004 اكتشف الجميع أن هناك موهوبًا بحجم الراحل خالد صالح، وحدث هذا مع سيد رجب أحد أهم الموهوبين، وبالطبع سلوى محمد علي التي تمتلك قدرات وموهبة لم تستغل بعد، وكذلك أحمد كمال الذي يمتعنا دائما بموهبته، ولدينا مواهب مهمة أصبحوا نجومًا فروبي لديها موهبة مازالت بحاجة لأعمال أكبر وأهم، وكذلك نسرين أمين موهبة خاصة، ومحمد فراج مبدع في أدائه، ومحمد عادل.

وهنا أتحدث عن موهبة الأداء غير القائم على الانفعال والمبالغة، أو كما يسمونه الأداء الفطري، يتوافر لدى نوعيات معينة من الممثلين، لا يحتاج فيه الممثل إلى توتر وانفعال، كما هو الحال في أداء خالد النبوي مثلا، التمثيل يرتبط فيه الأداء الحركي مع الصوتي فلا يبالغ صوتيًا في الكلام عن أدائه الجسدي للمشهد؛ لأن الحركة في الأداء للمشهد إذا لم تتواءم مع تون الصوت فشل المشهد وفشل الممثل في أدائه.

وكان نور الشريف يقيس ذلك قبل تمثيل المشهد وأحمد زكى ومحمود عبدالعزيز، الثلاثة لديهم مازورة لقياس الأداء، وما يتطلبه الموقف، ومن الجيل الحالي محمد ممدوح بارع في القياس، وكذلك نيللي كريم، ومنى زكى وهم نجوم كبار.

أما الممثل المجتهد فلا غبار عليه؛ لكنه يظل مجتهدًا حتى تكسبه الخبرة، ما يفوق الموهبة أحيانًا، ولا داعي هنا لذكر أسماء؛ لأن بعض المجتهدين من كبار النجوم يغضبهم الكلام، ووصفهم بأنهم مجتهدون أكثر منهم موهوبين، ولهم أعمال رائعة وأصبحوا في القمة باجتهادهم.

وعلى النقيض من المثالين الموهوب والمجتهد يأتي الممثل الذي أسهمت الصدفة، أو الظروف في صعوده لمخاطبته أجيالًا بمفردات أفرزها العصر، فأصبح يمثل بفلوسه، وهذا النوع يستمر طويلًا، لكنه عندما يسقط، تكون نهايته قاسية، وهناك من يظل حبيس شخصيات بعينها نجح فيها، فيعلن موت موهبته بنفسه دون أن يسعى لتطويرها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة