وكأنها مشاجرة شوارع، وليست لحظات من المفترض أن تكون احتفالية عقب مباراة كرة قدم، للأسف كان المشهد بغيضًا للغاية من بعض لاعبي وجماهير الأهلي والزمالك أمام أشقائهم الإماراتيين الذين لم يألوا جهدًا في تنظيم السوبر المصري بإستاد محمد بن زايد، وأحسنوا استقبال وضيافة جميع المصريين من لاعبين ومسئولين وأجهزة فنية وإعلاميين وجماهير.
وكان المشهد الأكثر بغضًا، هو تنامي العداء واستمرار مسلسل الكراهية بين مسئولي وجماهير قطبي الكرة المصرية، كما دخلت أيضًا المنظومة الإعلامية للأحمر والأبيض على الخط، وانبرى أنصار كل فريق في كيل الاتهامات وإلقاء اللوم على الطرف الآخر، والتماس الأعذار للاعبيه وجماهيره، وانقسمنا إلى ملائكة وشياطين، نحن الملائكة بالطبع، والآخرون هم الشياطين.
الأمر جد خطير، وصار منذرًا بكارثة جديدة، بعدما أصبحت «ثقافة الكراهية» مثل كرة الثلج المتزايدة يومًا بعد آخر، وضربت بجذورها في مجتمعاتنا، وطغت بشدة على عقولنا.
ومن الطبيعي أن أغلب المهتمين بكرة القدم، يتابعون مباريات الدوريات الأوروبية المختلفة، ويروون بأعينهم كيف تكون المنافسة شديدة وحماسية في الملعب طوال اللقاء، ثم يتصافح اللاعبون وتتبادل الأجهزة الفنية التحية – إلا فيما ندر – فور انتهاء المباراة، والمثير للدهشة والسخرية، أننا جميعًا بلا استثناء نشيد بتلك الروح الرياضية الجميلة، لكن عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ، فإننا نفعل العكس تمامًا.
كرة القدم تلك اللعبة الممتعة التي يعشقها الكثيرون في مختلف أنحاء العالم، لا يجب أبدًا أن تكون مصدرًا للكراهية والتشاحن بين أبناء الوطن الواحد لمجرد الاختلاف في الانتماء الكروي.
دعونا نتعلم شيئًا من الخطاب التاريخي للألماني يورجن كلوب المدير الفني لفريق ليفربول عقب فوزه بجائزة أحسن مدرب في العالم الموسم الماضي، عندما قال: «إن لاعبي كرة القدم ليسوا أشخاصًا مميزين ولا آلهة، إن كرة القدم مجرد لعبة للترفيه، إن كل ما يحدث داخل ملعب كرة القدم لا يساوي شيئًا وسط ما يحدث في الحياة الواقعية، فخسارة مباراة أو بطولة لم ولن تكون مثل القلق والتوتر الذي يصيب الشخص بسبب عدم القدرة على توفير متطلباته ومتطلبات عائلته».
وواصل كلوب حديثه: «أنا مبتسم دائمًا، ويسألني الناس عن ذلك، لماذا تبتسم باستمرار؟ ابتسم بسبب عائلتي وطفلي؛ لأن كرة القدم ليست حياة أو موتًا، كرة القدم لا يجب أن تكون منبرًا للكراهية والحقد والعنف؛ بل يجب أن تكون للفرح والترفيه، لذا أنا ابتسم دائمًا».
ليتنا نتفكر جيدًا في تلك الكلمات الكاشفة، التي قالها يورجن كلوب، ونضع اهتمامنا بكرة القدم في مكانه الطبيعي، كرياضة جميلة للمتعة، والمنافسة الشريفة، والفرحة والحزن الطبيعيين، لا أكثر ولا أقل.