Close ad

تجديد الخطاب أم تجديد الإيمان؟!

5-2-2020 | 19:06

هو حديث قديم؛ يتجدد كل حين؛ يهدف إلى تجديد الخطاب الديني؛ لاسيما وأننا في القرن الحادي والعشرين؛ تطورت الحياة بشكل مبهر؛ عما كانت عليه؛ إبان نزول الوحي على المصطفى؛ صلى الله عليه وسلم؛ ودخلنا في جدالات لم ولن تنتهي؛ تدور حول أهمية تجديد الخطاب الديني؛ وضروراته؛ وتعالت الأصوات؛ بتنقية التراث؛ بعدما اتخذه البعض ذريعة لتكفير الآخر؛ حتى ظهرت الجماعات المتشددة؛ والمتدثرة بعباءة الدين؛ وكان آخرها فرق كثيرة؛ سُميت بالدواعش.

الدين ثابت؛ بمحددات وقواعد واضحة ؛ لا تحتمل اللبس؛ مثل الشهادة بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ وإقام الصلاة؛ وإيتاء الزكاة؛ وصوم رمضان؛ وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.

وجاء القرآن الكريم؛ ليوضح الكثير من أحكام الله سبحانه وتعالى؛ مثل المواريث وأحكام الزواج والطلاق والعدة؛ وأمور أخرى كثيرة؛ وفي المقابل؛ هناك أمور أخرى مثل كيفية الصلاة وأحكامها؛ لم نعرفها إلا عن طريق العنعنة.

وهنا ينجلى دور السنة؛ التي نقلت عن الرسول أفعاله وأقواله؛ ولأنه ما ينطق عن الهوى؛ إن هو إلا وحي يوحى؛ فاتباعه والاقتداء به؛ هو فرض لا مجال للخوض فيه.

لذلك؛ ظهرت العلوم الدينية؛ مثل الفقه والتفسير والمقارنات وغيرها الكثير؛ تبحث في الدين؛ لتبيان الحقيقة؛ من خلال رجال اجتهدوا وثابروا؛ حتى وصلوا لما اقروه من نتائج؛ ولأن القرآن الكريم نزل بوحي من الله على رسوله الكريم؛ ليبلغه للناس كافة؛ ليعبدوا الله البارئ؛ كما يريد خالق الكون؛ فبات من حق كل الناس قراءة القرآن الكريم وتدبره.

وبات على من تدبره وأيقن قيمه ومُثله وقامته؛ ووعي لعظمة رسالته؛ وأنه جاء لينظم آليات التعامل بين الخالق والمخلوق؛ وكذلك بين جميع المخلوقات؛ أن يُعٌلي قيمة الإسلام بما فيه من سماحة وسُبل للوصول إلى رضا الله، ومن ثم الفوز بجنانه؛ انطلاقا من يقينه بأن الدنيا هي دار ممر لدار مقر؛ والمؤمن الحقيقي؛ سيسعى لأن تكون دار مقره المشمولة بالخلود هي الجنة.

أما دار الممر؛ فقد جاء الإسلام؛ ليؤكد إعمارها؛ والأساس في هذا هو العمل؛ ولكل من أجاد العمل؛ سيجد الجزاء الإلهي؛ سواء كان يدين بالإسلام أم لا؛ ولنا في دول غير مسلمة عبرة؛ لمن يريد الاعتبار؛ عملت بجد وإخلاص؛ وأنتجت فتقدمت.

لذلك فأي قول يدعو للتعبد وفق أي آلية تتعامل وفق التواكل دون التوكل فهي باطلة؛ وإليكم هذا المثل "الاستغفار باب من أبواب الرزق؛ ولكن هل يمكن أن يُرزق الإنسان إذا انزوى في مكان لازم فيه الاستغفار ليل نهار؛ دون عمل؛ إذا قال أحدهم؛ نعم؛ رد عليه بوجوب خطئه؛ لماذا؟

لأن ذلك يعني أن ينزوي الناس ملازمين الاستغفار؛ انتظارًا للرزق؛ ونترك الدنيا بلا تعمير؛ وهذا أمر منافٍ لدين الله؛ في هذا الإطار يمكن تقديم عشرات الأمثلة؛ التي توضح أننا ابتعدنا عن الجوهر؛ وتفرغنا وتجادلنا حول المظهر.

أفرطنا في الحديث عن عذاب القبر؛ وتغافلنا عن أن هناك قبورًا يُنٌعم فيها المقبورون؛ ممن أحسنوا العمل؛ لأن الجزاء من جنسه.

الإحسان إلى الطريق عليه أجر؛ الإحسان إلى الجار عليه أجر؛ غض البصر عليه أجر؛ حفظ الفرج عليه أجر؛ إتقان العمل عليه أجر؛ بر الوالدين عليه أجر؛ صلة الرحم عليها أجر؛ الرفق بالحيوان عليه أجر.

إننا في أمس الحاجة إلى تجديد الإيمان؛ قبل تجديد الخطاب؛ فتجديد الإيمان سيجعلك تصلي؛ لتحافظ على صلتك بالله؛ وستسعى لأن تؤديها على الوجه الأكمل؛ فأنت تصلي له؛ ومن ثم ستتمنى قبولها؛ وستجتهد في الابتعاد عما يغضب الله حتى الصلاة القادمة حتى يقبلها.

وستدفع زكاة مالك؛ كما بين القرآن الكريم؛ فيتطهر مالك؛ وتملؤه البركة؛ فتنفقه فيما يُسعدك؛ وهذا يُفسر وجود بسطاء سعداء؛ وأغنياء تعساء.

وستصوم لله؛ مبتغيًا قبول صومك؛ فكل عمل ابن آدم له؛ إلا الصيام فهو لي؛ وأنا أجزي به؛ وإذا كنت تصوم لله كما أمرك؛ فستتحرى كل السبل لرضائه؛ حتى يقبل صومك؛ وصولاً لحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.

الإسلام دين سلم وسلام؛ أتى ليحض على التراحم وليس التباغض؛ لينشر الفضائل؛ التي تقوم على تنظيم العلاقات بين المسلمين وبعضهم؛ وكذلك بينهم وبين غيرهم.

ولنتذكر مقولة الإمام الراحل محمد عبده؛ حينما ذهب للغرب؛ فقال وجدت إسلامًا بلا مسلمين؛ لذلك تجديد الإيمان يسبق تجديد الخطاب.

والله من وراء القصد،،،،

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.

الأكثر قراءة