بعد أن اتسع فارق النقاط بصورة كبيرة بين فريق ليفربول، وبين أقرب منافسيه مانشستر سيتي وليستر سيتي، حتى قبل معرفة نتيجة مباراة الريدز ضد فريق وولفرهامبتون التي أقيمت يوم الأحد الماضي والتي كتبت هذه السطور قبلها، وأيضًا قبل أن يلعب مباراته المؤجلة ضد فريق ويستهام.. أقول لم يعد أمام فريق نجمنا المصري المتألق محمد صلاح حجة أو ذريعة للقبض على درع الدوري الإنجليزي حتى لو كنا ما زلنا في منتصف الموسم، لأن أي نهاية أخرى لن ترضينا على الإطلاق ولن ترضي الجماهير العريضة التي تشجع فريق ليفربول في كل أنحاء العالم، ولن ترضي اللاعبين أنفسهم ولا مدربهم القدير الألماني يورجن كلوب، أو إدارة النادي..
والقول إن كرة القدم ليس لها كبير، وأنها مستديرة مكيرة خادعة ومن الممكن أن تخرج لسانها للجميع بقلب الطاولة وتغيير الحال، لا ينطبق على واقع حال فريق ليفربول هناك في الدوري الإنجليزي.. "ليه"؟
ـ لأن شهية هذا الجيل من لاعبي الريدز مفتوحة لتحقيق الانتصارات، فبعد دوري أبطال أوروبا "الشامبيونزليج" الذي حصلوا عليه بجدارة واستحقاق، والسوبر الأوروبي الذي فازوا به، ثم كأس العالم للأندية التي عادوا حاملين كأسها من قطر منذ حوالي أسبوعين، ازدادت هذه الشهية انفتاحًا بعد العودة، فأمطروا شباك ليستر سيتي المنافس الأول في الترتيب بأربعة أهداف نظيفة مع الرأفة، ولعبوا أفضل مباراة لهم هذا الموسم، وليس هناك ما ينبئ بأن مستواهم من الممكن أن يتراجع في النصف الثاني من الموسم، لأن مديرهم الفني العبقري يورجن كلوب يطبق عملية المداورة بصورة رائعة ولا يستنفد طاقات لاعبيه، ويعطي الفرصة للجميع للمشاركة واللعب، ونجح في أن يصل إلى صيغة لا يتمتع بها أي فريق آخر في الدوري الإنجليزي، ألا وهي: "الريدز بمن حضر" نعم هذه حقيقة لا تقبل الجدل.
ـ بعد أن كان الفريق يعاني في وسط الملعب في ظل غياب البرازيلي فابينيو للإصابة، نجح كلوب في تجهيز البديل صاحب اللمسة الفنية الغيني نابي كيتا الذي تطور أداؤه من مباراة إلى أخرى، وتألق في مهامه الدفاعية والهجومية.. كما أن هندرسون تحسن كثيرًا وقام بدوره كقائد للفريق على أكمل وجه، رغم أن أداءه في بداية الموسم كان باهتًا.. حتى المدافع جوميز الذي كان يخشى الكثيرون من شغله لمركز قلب الدفاع إلى جوار فان دايك بديلًا للاعب ماتيب، فاجأ الجميع بأداء راق وحسن توقع وصلابة حقيقية.. وغيرهم من اللاعبين، نجح كلوب في تطوير أدائهم على مر المباريات.. أوريجي، تشامبرلين إلى أن أصيب، شاكيري، ميلنر حلّال المشاكل في وسط الملعب وفي الطرف الأيمن عنده غياب أو إراحة الشاب المتألق ألكسندر أرنولد.. حتى حارس المرمى الاحتياطي الذي أجاد في مركزه خلال فترة غياب أليسون للإصابة.
ـ الأهم من كل ذلك أن الطفرة الكبيرة التي حققها الريدز خلال هذين الموسمين الأخيرين ترجع في جانب كبير منها إلى القاموس الذي وضعه كلوب وكان سر نجاحه.. فعقلية هذا الرجل لا تترك شيئًا للمصادفة، ويؤمن بأن كرة القدم "فريق" (Team) بكل ما تحمله حروف هذه الكلمة من معنى في قاموسه الخاص.. ويقول كلوب في هذا الصدد: أحرص دائمًا على أن أنقل للاعبين المعنى الحقيقي لكلمة فريق "TEAM" وتفسير كل حرف من حروفها بمفهومي الخاص، إذ يحمل كل حرف معنى مهمًا في كرة القدم.. فالحرف الأول "T" يعني بالفرنسية "Terrible" أي فريق رهيب صاحب روح قتالية عالية، أما حرف "E" فيعني "Enthousiaste" أي حماسي بمعنى أنه يتفاعل مع المباراة بصورة إيجابية ويستفيد من الشحن المعنوي للجماهير، بينما يعني حرف "A" كلمة "Ambitieux" أي فريق طموح يسعى بكل قوته إلى تحقيق الانتصارات والبطولات، في حين أن حرف "M" يعني عبارة "Mentalement Fort" أي عقلية قوية وذهن متّقد وحاضر دائمًا ما يجعل اللاعبين في حالة ثبات انفعالي طوال المباراة، فلا يتأثرون كثيرًا عندما تهتز شباك مرماهم بهدف مبكر، بل إن هذه العقلية تجعلهم قادرين على العودة إلى المباراة في أي لحظة، حتى ولو في الدقائق الأخيرة، والأمثلة كثيرة على ذلك.
وهكذا يكتمل عند كلوب المعنى الحقيقي من وجهة نظره لتفسير كلمة "TEAM". عرفتم الآن: "ليه" ما حدث لليفربول من تراجع في الدوري الموسم الماضي، لن يتكرر هذا الموسم؟!.