فى عالم الغد، ربما يصل الإنسان إلى مرحلة تمنى أنه لو كان "روبوت"!!
ففي قادم الأيام والسنين مزيد من المزايا ستضاف إلى عالم الروبوت، سواء من العلماء أو غيرهم، فـ"صوفيا" الروبوت التى كانت ومازالت حديث العالم منذ عام 2017، وأصبحت اليوم "شخصا إليكترونيا" مهمًا فى منتديات شباب العالم، بعدما نالت الجنسية السعودية، في حدث غير مسبوق.
لكن ما لا يمكن أن يتصوره أحد أن "صوفيا"، قالت إنها ترغب في تأسيس عائلة، وأن يكون لديها طفلة!!، يا مثبت العقل والدين!! والأغرب من ذلك أن يتحدث العلماء عن إمكانية أن تمتلك "صوفيا وأخواتها" الوعي والإدراك الذاتي والمشاعر، في زمن تجردت فيه الإنسانية من كثير من مشاعرها!!
فمنح صوفيا الجنسية أثار عدة تساؤلات حول الحقوق المدنية التي يترتب عليها منح الجنسية لـ"إنسان آلي"، عما إذا كان ذلك يمنحها الحق في التصويت أو الزواج، أو إذا ما كان تعطيل نظامها أو إغلاقه يُعتبر جريمة قتل عمد!
ولأن استخدام الروبوتات في المستقبل في شتى المجالات، سيؤدي حتمًا إلى تفاعل مباشر مع البشر، يطالب عدد من الخبراء بضرورة حصولها - "الروبوتات" - على "حقوق" خاصة لحمايتها من التعرض للإيذاء، إلى الحد الذي دعا أستاذة للقانون في جامعة وستمنستر البريطانية إلى حماية الروبوتات من الاعتداء الجنسى! بل وذهبت لأبعد من ذلك، بأن يكون هناك قواعد، تجعل من الضروري حصول البشر على موافقة جنسية من الروبوتات في المستقبل القريب قبل الاقتراب منها!!!
طبعا هذه التساؤلات فتحت الباب واسعًا أمام المطالبة بـ"وضع إطار أخلاقي" يحكم العلاقة بين الإنسان والروبوت، يفرض بالطبع التزامات "أخلاقية" على البشر تجاه "الروبوت" التي يملكونها.. هذا ما كان ينقصنا!!
وهذا يعني، بالطبع، إمكانية منح الروبوت - يومًا ما - حقوقًا "متساويةً" للبشر أمام القانون، يعني ربما يفاجئك "روبوتك " يومًا برفع قضية "تحرش" أو "اغتصاب" أو تُحال إلى القضاء بتهمة "القتل العمد مع سبق الإصرار والتفكر "بحق روبوتك"!!!
وأمام هذه التحديات المنتظرة؛ ولأنه لا يزالُ هناك تخوف من ارتكاب الروبوتات أفعالًا مؤذية للبشر، مثلما يحدث من مشاهد سينمائية في أفلام الخيال العلمي، يقترح علماء أعصاب من جامعة كاليفورنيا الجنوبية في دراسة نشروها مؤخرًا في مجلة "نيتشر ماشين إنتليجنس" برمجة الروبوتات على الخوف من الموت؛ لأنها حين تدرك ـ وفق تصوراتهم ـ أن أعمالها قد تؤدي إلى هلاكها كما البشر؛ ستتعلم السيطرة على ذواتها!
وفي كل الأحوال لا تزال هناك مخاوف من تأثير "الروبوتات" على خصوصية البشر، وإمكانية استغلالها في انتهاك خصوصيتهم؛ مثلما فعلت بنا مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية.
فريق من الباحثين بجامعة كورنيل الأمريكية يدرس حاليًا إمكانية تفاعل البشر مع "الروبوتات" عن طريق حاسة اللمس، ولأجل ذلك، ابتكروا نوعية من الجلد الصناعي يمكن أن يُصاب بالقشعريرة حسب الحالة المزاجية للروبوت، وهذه التقنية بحد ذاتها يمكن أن تستخدم في التفاعل بين "الروبوتات" والمصابين بإعاقة سمعية على سبيل المثال، أو في المواقف التي تتطلب درجة معينة من الهدوء.
ومن مستجدات العلم الحديث في مجال التواصل بين البشر و"الروبوتات" إعطاء الإنسان الآلي القدرة على التعبير من خلال ملامح الوجه، مثل أن ترتسم على وجهه ملامح العبوس، عندما يريد التعبير عن مشاعر الحزن أو الضيق أو الابتسام عندما يُعبر عن سعادته!
ولكن..هل تملك "الروبوتات" المشاعر؟!
حسم الأمر حتى اليوم أستاذ للأنظمة الذكية و"الروبوتات" في جامعة برلين، بالقول إنه لا يمكن لـ"الروبوتات" أن تملك المشاعر؛ لأنها بدون هرمونات ولا أحاسيس بالألم، ولكن بفضل التعلم الآلي يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة الاستجابات العاطفية المناسبة.
هذه مشكلة حقيقية، فعلينا أن ندرك دائمًا أن "الروبوتات" طوع أمرنا، عليها أن تؤدي ما نطلبه منها، لكن ليس من المطلوب أن تقوم باختلاق مشاعر مختلفة؛ لأن في ذلك عواقب مضللة على الإنسان، كما يجب علينا ألا ندعي أبدًا أن "الروبوتات" هي صديقتنا في الحياة، فهي مجرد آلات، ويجب أن نتعامل معها دومًا على هذا الأساس.
لا ينبغي أخذ الموضوع على غير محمل الجد، برغم أبعاده المثيرة للسخرية، فالعلم لا ينظر إلى الوراء، وحفاظ الإنسان على إنسانيته صار على المحك، بعد ما نسمع ونقرأ عن "روبوتات" عاطفية تريد أن يكون لديها أطفال وأسر، ويبحث لها بعض بني البشر عن "حقوق"؛ ربما تجرجرنا بسبب نقضها إلى ساحات القضاء!
وبعدما أصبحت بيوتنا؛ الكل مشغول عن الكل، بسبب وسائل التواصل الاجتماعي؛ حتى وإن اجتمعت الأسرة على طعام واحد، فكل فرد "رئيس جمهورية نفسه"، منعزل عن الآخرين ومشغول بأصدقائه الافتراضيين؛ وحل "الراوتر" محل رب الأسرة، والـ"واتس آب" محل الأم التي كانت تلملم البيت بحنانها، والجميع مشغولون بحل مشاكل الكون؛ وكل منهم "يتسول" كلمة إعجاب من "الغرباء" أو الأصدقاء، وقد لايدري بعضهم شيئًا عن مشاكل أسرته!
ومع مزيد من العزلة التي سيجد الإنسان نفسه مدفوعًا إليها؛ لأن مفردات الثورة التكنولوجية المرتقبة، ستكون محرك البحث الرئيسي في حياته، والتي ستصبح حينها خالية من الإنسانية والمشاعر، ساعتها قد يتمنى كثيرون من بني البشر أن لو كانوا "روبوت"!!