Close ad

أيها الإعلاميون.. ردوا إلى أم اللغات اعتبارها

24-12-2019 | 10:34

منذ وعينا على الدنيا وجدناها أمًا حنونًا؛ علمتنا كل شيء من الألف إلى الياء، وساعدتنا على التعبير عن مشاعرنا بسهولة ويسر؛ في الفرح والحزن، في الأمل والألم، باختصار هي من تعلمنا من خلالها مكارم الأخلاق، ولكن نحن – للأسف الشديد - تنكرنا لها في كل ذلك، وهجرناها وسخرنا منها في المسرحيات تارة، والمسلسلات أخرى، حتى في الأفلام لم نترك أي شيء ينتمي إليها إلا وسخرنا منه وضحكنا عليه، أمنا التي أتحدث عنها يا سادة هي اللغة العربية!!

مر علينا يوم 18 ديسمبر - وهو اليوم العالمي للغة العربية - مرور الكرام، وسبب الاحتفال باللغة العربية في هذا التاريخ؛ أنه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، ولغات العمل في الأمم المتحدة، وكان ذلك عام 1973.

كما احتفلت اليونيسكو بتكريس يوم 18 ديسمبر يومًا عالميًا للغة العربية، كما قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) التابعة لليونيسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية كأحد العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل سنة، وكان ذلك في 23 أكتوبر 2013.

وتعد اللغة العربية من أقدم اللغات السامية، وأكثرها شيوعا، فتعتبر واحدة من أكثر اللغات انتشارًا في العالم؛ حيث يتحدث بها أكثر من 467 مليون نسمة، ولا يزال العدد في ارتفاع نظرًا لجمال ورونق اللغة العربية.

وتشتهر اللغة العربية بلغة الضاد؛ وذلك لأنها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف الضاد بين لغات العالم، ويتوزع متحدثوها في منطقة الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة، وهي من اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في محركات البحث على الإنترنت، وكذلك الأكثر انتشارًا ونموًا؛ متفوقةً على الروسية والفرنسية.

كما أن اللغة العربية ذات أهمية كبيرة لدى المسلمين، فهي لغة القرآن الكريم، ولا تتم الصلاة في الإسلام إلا بإتقان قراءة بعض من آياته، وهي محفوظة من قِبَل الله سبحانه وتعالى حيث قال: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ" (النحل 103)، كما قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر 9).

كما أن اللغة العربية هي أيضًا لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، كما كُتب بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى، كمؤلفات "موسى بن ميمون" في الفلسفة، و"يهوذا اللاوي" في الشعر، و"إسحاق الفاسي" في تفسير التوراة، فكان لها بالغ الأثر في اللغة والدين والأدب اليهودي.

وتتميز العربية – دون غيرها من اللغات - بقدرتها الفائقة على التعريب، واستيعاب كلمات اللغات الأخرى، وتفوق اللغات الأخرى بالمترادفات، والأضداد، والمشتركات اللفظية، والمجاز، والطباق، والجناس، والمقابلة والسجع، والتشبيه، والمحسنات البديعية.

قال عنها الكاتب مصطفى صادق الرافعي: "ما ذلّت لغة شعب إلا ذلّ، ولا انحطّت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمِر لغته فرضا على الأمة المستعمَرة، ويركبهم بها ويشعرهم عظمته فيها، ويستلحقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاما ثلاثة في عمل واحد: أما الأول: فحبس لغتهم في لغته سجنا مؤبدا، وأما الثاني: فالحكم على ماضيهم بالقتل محوًا ونسيانًا، وأما الثالث: فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرهم من بعدها لأمره تُبع".

واسمحوا لي أن أسوق لكم هذه الواقعة التاريخية؛ حتى نعرف قيمة اللغة العربية، فقد احتلت فرنسا الجزائر ما يقرب من 132 عامًا، وأرادت فرنسا أن تحتفل بهذا الاحتلال على طريقتها الخاصة؛ فجاءت بشباب وفتيات جزائريين وعلمتهم اللغة الفرنسية، ودربتهم على التمثيل والإلقاء والتحدث باللغة الفرنسية، ليعرضوا مسرحية فرنسية من الألف إلى الياء، ودعوا كبار الفرنسيين لحضور يوم الافتتاح؛ ليشاهدوا ويحتفلوا ويستمتعوا بتحويل الشباب العربي الجزائري إلى شباب فرنسي؛ يرتدون الزي الفرنسي، ويتحدثون اللغة الفرنسية بطلاقة، وما هي إلا لحظات وينزل الستار، وإذا بهم يجدون الشباب الجزائري يرتدي الزي العربي ويتحدث اللغة العربية الفصحى، وسُقط في أيدي الفرنسيين وأخذوا يتساءلون عن سبب هذا الفشل الذريع؛ فجاءتهم الإجابة الشافية بأنه "القرآن الكريم"؛ ما دام موجودًا فلن يستطيعوا أن يفرضوا لغتهم على العرب!!

فرجاء أيها الإعلاميون المحترمون، ردوا للغة العربية اعتبارها، وكفِّروا عما فعلتموه بها؛ في مسرحياتكم ومسلسلاتكم وأفلامكم؛ حتى تعود أمتكم إلى الريادة  كما كانت!!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
د. إسلام عوض يكتب: تجسس الأزواج

مع وجود الاختلاط في المدارس والجامعات والعمل، وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتدني الأخلاق، كثير من الأزواج أو المخطوبين يتشككون في سلوكيات بعض

د. إسلام عوض يكتب: فاصبر على ما لم تُحط به خُبرا (2 - 3)

إن الله إذا أحب عبدًا امتحنه، وليس هناك امتحان للعبد أبلغ من الحزن، فعند الابتلاء تنكشف للعبد عدة حقائق؛ أولاها قوة إيمانه وصبره وتحمله، وثانيتها حقيقة كل من حوله ومدى إخلاصهم أو نفاقهم

الأكثر قراءة