Close ad

الصبر يبدأ عندما ينتهي

4-12-2019 | 14:36

الحياة كما يقولون دار ابتلاءات ومحن واختبارات ولا ينجو أي إنسان على وجه البسيطة من أي من هذه المحن؛ لأنها دار ممر لا دار مستقر، وعلينا جميعًا أن نعلم ونتذكر ذلك، وأنه مهما واجهنا من مصائب وكوارث فأنها زائلة، والصبر عليها درجة من درجات الإيمان، يثاب المرء عليها إذا استعان عليها بالقرب من الله والتودد له والرضا بالقضاء والقدر، وإخراج الصدقات قدر المستطاع؛ حتى لو قليلة، وأن يحمد الله أن المصيبة ليست في دينه، وأن يتذكر الذين ابتلاهم الله بمصيبة أكبر وأشد منه وأكثر إيلامًا ووجعًا ولكنهم حمدوا الله عليها.

وعلى كل إنسان في ظروف قاسية، أو ألم به مصيبة من مصائب الدنيا أن يهرع إلى التمسك بحبل الإيمان؛ لأنه هو السبيل الوحيد للنجاة منها، ولا ينجرف إلى وساوس الشيطان الذي يوعز له بارتكاب أفعال لا يقرها أي دين سماوي ولا أي قوانين أو تشريعات دنيوية؛ لأنه بذلك يقوده إلى الهاوية ويرتكب جريمة في حق نفسه وأهله ومجتمعه ودينه؛ لأنه مهما تعرض لأي ظروف صعبة وقاسية هناك ملايين البشر على وجه البسيطة تعرضوا لظروف أقسى منه وصبروا، ومنهم - على سبيل المثال لا الحصر - صحابة رسول الله آل ياسر الذين تعذابوا عذابًا شديدًا؛ حتى يرتدوا عن إيمانهم بالله ورسوله ورفضوا؛ لأنهم كانوا يتمتعون بالإيمان والصبر، وهناك من أصابهم الله بأمراض مستعصية، ومن لديه عاهات ونقص في الأطراف، وهناك من لا يملك قوت يومه وفي فقر مدقع، وهناك من تعرض لفقد أولاده وأهله.. وغيرهم ممن ابتلاهم الله بابتلاءات كبيرة، والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولكنهم صبروا واحتسبوا كل ذلك عند الله، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى قوة إيمانهم بالله.

ولذا على كل إنسان أن يقترب من الله أكثر فأكثر؛ لأن محن الحياة كثيرة واختباراتها صعبة، ولا يتحملها ويقوى عليها إلا من زاده التقوى، ويملك صفة الصبر، وهناك حكمة تقول الصبر يبدأ عندما ينتهي، بمعنى أن الإنسان عليه أن يصبر في الشدائد والمحن، وعندما يبدأ صبره في النفاد هنا يبدأ الصبر الحقيقي.

والصبر من أفضل الصفات التي حضّ عليها الإسلام في القرآن الكريم والسنة النّبوية الشريفة، لما يحتاج من مجاهدة للنفس البشرية؛ فالصبر من الأعمال التي لم يحدّد لها أجر معيّن؛ وذلك لقوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾.. )الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.

وبالصبر نتفكر في تدابير الله تعالى عما ابتلانا به أو اختبرنا فيه، ونراجع أنفسنا، ونتأكد أن الله لا يأتي للإنسان إلا بخير، وكم من خير كثير وُلِد من رحم مصيبة أو كارثة، وهناك اختبارات ربانية كثيرة تقربنا إلى حظيرة الإيمان وتبعدنا عن المعاصي.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: