Close ad

"لن تستطيع معي صبرا"

27-11-2019 | 18:08

سورة الكهف، قرأتها وسمعتها مئات المرات، واستوقفتنى قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر عليهما السلام في كل مرة، ووصلتني الرسالة أنه فوق كل ذي علم عليم، وأيضاً أن الإنسان - حتى ولو كان نبياً ورسولاً - قاصر بطبيعته عن إدراك الحكمة الإلهية لكثير من المواقف، وغالباً ما يقابلها بالتعجب والضجر؛ بل والاستياء أحياناً.

برغم أن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا بما يهدئ من روعنا في تلك المواقف، حين أكد أنه عسى أن نكره شيئاً وهو خير لنا، وعسى أن نحب شيئاً وهو شر لنا، وأنه سبحانه وتعالى يعلم ونحن لا نعلم.

لكن أمس أثناء إنصاتى لنفس القصة، قفز إلى عقلي سؤال: أليس ما فعله سيدنا الخضر في القصص الثلاث يحدث معنا في جميع الأوقات؟ ألسنا ندور جميعاً في نفس هذا الفلك؟ كلنا نقوم بتلك المهمة في مصير بعضنا البعض.

ألم يتزوج شخص غني من فتاة وهي لا تحبه ثم يطلقها لسبب ما، لتتزوج بعد ذلك ممن كانت تحبه، والذى كانت ترفضه أسرتها لظروفه الصعبة، وهذا شخص يدخن فى سيارة، فيعترض شخص آخر، ويصر على النزول ليركب سيارة أخرى، فيرى في الطريق السيارة التي نزل منها، وقد تحطمت في حادث ومات كل من فيها!! وآخر يضطهد مرؤوسه في العمل حتى تضيق عليه الأرض بما رحبت، فيسعى باحثاً عن عمل آخر، فيجد ما يسعده في مكان آخر، وربما تمر الأيام ويصبح رئيساً لمن اضطهده في الماضى !!.. وهذا لا يرغب في التقدم لوظيفة يقيناً بأنه لن يقبل بها، وتسعى الوظيفة إليه من كل جانب؛ ليتقدم ويكون هو المقبول الوحيد!! مواقف تخلق مواقف، اختيارات تترجم إلى أفعال، وأفعال تغير مصائر، ونحن بين هذا وذاك لا نستطيع معها صبرًا، وكيف نصبر على ما لم نحط به خبراً؟؟ لكننا دون أن نعلم يعتبر كل منا "خضراً" بالنسبة للآخرين نؤثر فيهم بأقوالنا وأفعالنا ونتأثر بأقوالهم وأفعالهم في تفاعل منسجم، لتتشكل مصائرنا ومصائرهم في سيمفونية رائعة شديدة الدقة والتناسق والتناغم.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة