Close ad

المنسيون في إفريقيا

3-11-2019 | 18:58

على مدار أربعة أيام من المناقشات والحوارات الجادة في العاصمة الزامبية الجميلة لوساكا حضرت فعاليات مؤتمر وزراء الاتحاد الإفريقي المسئولين عن التسجيل المدني وإدارة الهوية والصحة والمعلومات والتكنولوجيا تحت عنوان "التسجيل المدني والإحصاءات الحيوية في إفريقيا"؛ الذي نظمته اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لإفريقيا والاتحاد الإفريقي، إلى جانب مشاركتي في ورشة عمل بعنوان "الإعلام والتسجيل المدني" نظمتها اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لإفريقيا بالتعاون مع منظمة الإحصاءات الحيوية بنيويورك؛ حيث شارك بها أكثر من 20 صحفيًا من مختلف الدول الإفريقية، وتناولت كيفية تعامل وسائل الإعلام المختلفة مع قضية "المنسيون في إفريقيا" أو بعبارات أخرى الذين لم يتم تسجيل بياناتهم داخل دولهم خاصة الأطفال والنساء.

وقد أثبتت الدراسات والأبحاث التي تمت في هذا الشأن أن هناك ملايين الأفارقة لم يتم تسجيل بياناتهم، وليس لهم وجود فعلي في سجلات دولهم، وبالتالي فإن أي تقديرات أو خطط للتنمية أو الخدمات في تلك المناطق لا تشمل هؤلاء، وبالتالي تصطدم العديد من الدول الإفريقية بتلك العقبة الكبرى، والتي تعوق - وبصورة كبيرة - تحقيق خطط التنمية المستدامة، وتوفير خدمات مختلفة خاصة الصحية والتعليمية لهؤلاء، وهو ما يتطلب جهودا كبيرة من قبل السلطات المحلية بالتعاون والتنسيق مع الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، إلى جانب الشركاء الدوليين للقارة؛ حيث يتطلب ذلك وجود ميزانيات ضخمة لعمليات رصد هؤلاء وتسجيلهم قبل الشروع في البحث عن كيفية توفير الخدمات الأساسية لهم.

والمؤكد أن عملية تسجيل المواليد والوفيات تعد من ركائز التخطيط للتنمية في العالم خاصة وإذا علمنا - كما يقول أوليفر تشنجانيا مدير إدارة الإحصاء باللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة بإفريقيا - أن هناك العديد من الأطفال في القارة يولدون ويموتون دون أن يعلم أحد عنهم شيئا بسبب عدم تسجيلهم وهى حالات صعبة للغاية لابد من التعامل معها بصورة جادة ورصدها تماما في ظل وجود 200 مليون سيدة غير مسجلة في القارة وبالتالي حرمانهن جميعا من أي خدمات تقدمها دولهن في المجالات المختلفة، بالإضافة إلى قضية اللاجئين غير المسجلين والمهاجرين غير الشرعيين في العديد من الدول بل إنهم يقومون بالزواج ولا يقومون بتسجيله أو تسجيل الأبناء وهو ما يشكل عبئًا كبيرًا على الدول في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها تلك المجتمعات؛ خاصة فيما يتعلق بتحقيق أهداف أجندة التنمية في إفريقيا 2063، وأجندة التنمية المستدامة 2030 في كافة المجالات.

وأعتقد أن تأكيد ورشة العمل أهمية تكثيف استخدام "الإنفوجراف" في وسائل الإعلام المختلفة لإبراز الأرقام حتى يسهل للقارئ متابعتها والسعي لتقديم المعلومات الإحصائية بما يتناسب مع طبيعة وثقافة كل مجتمع يؤكد أهمية تلك القضية بالنسبة للقارة السمراء خاصة أن الوزراء المعنيين بتلك القضية أكدوا أن المواطن هو أساس التنمية، ودون استكمال عمليات التسجيل المدني لكافة المواطنين لن تتمكن القارة من تحقيق التنمية وإتمام مسألة التكامل الاقتصادي في ظل وجود اتفاقية للتجارة الحرة القارية تم إطلاقها هذا العام، وهو ما يتطلب وجود نظام متكامل للتسجيل المدني وتعزيز استثمارات الدول الإفريقية في الرقمنة والاستفادة من الدول التي حققت إنجازات بارزة في ذلك الملف، وفى مقدمتها مصر التي تمكنت في سنوات قليلة من تسجيل جميع حالات المواليد والوفيات في كافة مناطق الجمهورية وبصورة لحظية بنظام رقمي متطور للغاية؛ دفع العديد من الدول الإفريقية للمطالبة بالاستفادة من التجربة المصرية الرائدة في ذلك المجال في ظل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي وسعيها المستمر لدعم وتعزيز العلاقات مع الأشقاء الأفارقة في كافة المجالات.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة