Close ad

إنها المياه ياسادة .. (2)

23-10-2019 | 17:02

أخلاقيات المياه .. مصطلح جديد وغريب على الأذن ولطالما قيل لى عندما أتحدث عنها: يعني إحنا نجحنا فى إصلاح الأخلاقيات فى كل المجالات ولم يتبق إلا أخلاقيات المياه لنتحدث عنها؟ وأجيب أن للمياه أولوية تعلو على أى شيء آخر، وأن إصلاح أخلاقيات استخدامها يمكن أن يصلح معه أمورًا كثيرة فى مختلف مجالات الحياة، الأخلاقيات نظام، وإذا تعودنا على النظام فسوف ينعكس أثره على حياتنا كلها.

نعم سوف أظل أتحدث عنها، ويجب ألا يتوقف حديثنا إلا إذا نضبت موارد المياه من على وجه الأرض، أو في حالة فناء الجنس البشرى، وطالما استمر وجودنا فى هذه الحياة، واستمر معه استخدامنا للمياه، فلابد أن يستمر الحديث عن أخلاقيات استخدامها فى كل مكان وزمان.

لكن لماذا نخص المياه بذلك؟ أعني بالحديث عن أخلاقيات استخدامها وإدارتها، ولماذا انتفض العالم واقترح اليونسكو فى عام 1997 تبني منهج جديد للتعامل مع مشكلات المياه، وأطلقوا عليه "أخلاقيات المياه"؟ ولماذا اقترح أيضًا إنشاء مراكز متخصصة فى أخلاقيات المياه على مستوى العالم؟

لماذا المياه بالذات؟ لماذا لم يقترحوا ويضعوا مبادئ وقواعد لأخلاقيات استخدام الذهب أو الفضة أو البترول أو أي مورد طبيعي آخر؟

الإجابة: لأنها المياه ياسادة، أي مورد طبيعي آخر يمكن الاستغناء عنه، إلا المياه التى اقترنت بها حياة الإنسان والحيوان والنبات.؛ لدرجة أن الله سبحانه وتعالى قد أوضح تلك الحقيقة فى قرآنه الكريم "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ"، أي تكريم أكثر من ذلك يمكن أن ينبهنا إلى أهمية هذا المورد العظيم التى تتضاءل بجانبه أهمية أي مورد آخر؟

لقد أجاب أجدادنا الفراعنة عن هذا السؤال منذ آلاف السنين عندما أنشدوا للنهر العظيم قائلين:"إن الخير الذي يجلبه النيل أجل نفعًا من الذهب والفضة، وأغلى قدرًا من الجواهر، إن الناس لن تأكل الذهب وإن كان خالصًا، ولن تتغذى على الجواهر ولو كانت حرة نقية".

إذا مرض الجسد ذهبنا إلى الطبيب ووجدنا عنده الدواء الذى يشفي المرض أو يخفف الألم، لكن إذا ابتلي الانسان في أخلاقه فماذا نفعل؟؟ إذا نسي الإنسان العقيدة والمبادئ والقوانين وكل شيء، فما الذى يمكن أن يعيده إلى صوابه؟؟

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

والمياه أيضًا، إذا ذهبت أخلاقيات استخدامها وإدارتها فسوف تذهب وتضيع، وعندئذ يجب ألا نلوم إلا أنفسنا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة