8-10-2019 | 19:51
تصيبك قصص ألف ليلة بالنشوة.. تسحرك بعوالمها الغرائبية وشخصياتها المنذورة للمغامرة والخيال الجامح.. تقرأها في كتاب.. تشاهدها في مسلسل عربي.. حيث ذكاء شهرزاد يعزف على فضول شهريار.. أو فيلم أمريكي يلعب فيه ويل سميث دور الجني خادم المصباح.. لكننا بحاجة إلى نوع آخر من "الليالي" أيها السادة!
ليالي للعقل والإبداع، نتعرض فيها لاستفزاز إيجابي فنفكر ونتأمل، ننتقل من "التعليم" إلى "التعلم"، من التلقين إلى الاكتشاف، من الجهل إلى الوعي بالجهل، من اليقين إلى السؤال.
في هذا السياق يمكننا النظر إلى تجربة مختلفة على صعيد تقديم الفن التشكيلي بطرق مبتكرة تستلهم عبقرية الإمكانات المبهرة لمصر بقطاعيها الرسمي، وأيضًا كمجتمع مدني، وحسنًا بادر ثلة من خبرائنا المختصين في التسويق والعرض، تحت رعاية وزارة الآثار، إلى تنظيم معرضهم الفني الأول الذي حمل اسم "الضوء الخالد: ليلة في المتحف المصري"، وذلك من خلال عرض الأعمال الفنية الحديثة للفنانين المصريين داخل قاعات المتحف المصري في ميدان التحرير.
ونتيجة النجاح الذي حققه المعرض في دورته الأولى تبلورت الفكرة بشكل أكثر وضوحًا خلال الدورة الثانية من المعرض بمشاركة 28 عارضًا مصريًا، وعلى مدار شهر كامل، داخل أروقة قصر محمد علي بالمنيل، حيث يحمل هذا القصر خصوصية فنية تتمثل في شخصية مؤسسه الأمير محمد علي الذي كان مولعًا بالفنون المختلفة؛ فأسس هذا القصر في موقع فريد على ضفاف النيل، وقام بالعديد من الرحلات حول العالم؛ ليجمع عدد من المقتنيات الفنية ذات التنوع الثقافي المتميز مؤسسًا بها قاعات القصر التي تنوعت ما بين الطراز الأندلسي، والعربي، والعثماني، وهو التنوع الثقافي الموجود بشكل متناسق ومتماشيًا مع فكرة امتداد وتنوع الحضارات التي يقوم عليها المعرض، والذي حمل عنوان "لا شيء يختفي.. كل شيء يتلاشى"
وخلال هذه الفترة يستعد أصحاب هذه المبادرة لإطلاق المعرض في دورته الثالثة قريبًا، تحت رعاية وزارة الآثار، وتحويله إلى منصة شاملة لا تقتصر على استعراض الأعمال الفنية فحسب؛ لكن كذلك ليضم عددًا من الفعاليات الفنية المهمة تتضمن ورشًا فنية، ودورات تدريبية مكثفة لصغار الفنانين والدارسين، والمهتمين بالفنون.
ومن المقرر أن يقام المعرض الذي سيحمل عنوان "Reimagined Narratives" نهاية أكتوبر على مدار أسبوعين، كما يتخذ المعرض هذا العام شكل المتحف المفتوح من خلال عرض المقتنيات داخل شارع المعز لدين الله الفاطمي بمنطقة الأزهر؛ حيث يتمتع المكان بجمال وخصوصية المباني الأثرية المتنوعة ما بين مساجد، وأسبلة، ومدارس، وبيوت تاريخية تعكس تفرد الفن المعماري الفاطمي بتصميماته ونقوشه..
وهكذا تتوالى ليالينا الثقافية، لتنافس شهرزاد وعلاء الدين!
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: