هل يكون نقل وزارة الآثار قبل أسبوعين مسلة رمسيس الثاني من حديقة المسلة بمنطقة الزمالك إلى متحف مدينة العلمين الجديدة، إعادة تفكير واستغلال للمسلات المصرية القديمة المنتشرة في ربوع مصر؟!
للحقيقة، عندي أمنية شخصية أتمنى رؤيتها يومًا ما على أرض الواقع، هو استغلال تلك المسلات الفرعونية في الميادين العامة عندنا كما استغلها الغرب من قبل في تجميل ميادين العواصم والمدن الأوروبية.
ولا أقصد بالميادين أن تكون عبارة عن صينية مرورية دائرية توضع المسلة في دائرة من الزرع الأخضر وانتهى الأمر على ذلك، وتدور من حولها السيارات.. لا، ليس هذا المقصود أو المطلوب.. ولكن المطلوب أن يكون الميدان كما في أمريكا ولندن وروما.. ساحة واسعة.
فمثلا المسلة التي وضعت في الفاتيكان يبلغ ارتفاعها 25.5 مترًا مدعومة في القاعدة بعدة أسود برونزية اللون.. وعليها صليب ذهبي في أعلاها.. وتقع في وسط ساحة القديس بطرس.. أي أنهم أعادوا صياغتها وتجميلها بما يتوافق مع ثقافتهم.
في روما فراغ المساحة من حول المسلة.. يجعلها تخطف الأبصار وتخلع القلوب.. يجعلها كإصبع يتلقى النور والنار في وسط الساحة الشهيرة.. يحقق تعريفها الأصلي كما كتبه الفراعنة أنفسهم، حين أسموها "تخن" أي "الإصبع ذو الشعاع المضيء".
نفس الإبداع في التصميم وفي اختيار المكان المناسب تجده في المسلة المصرية في نيويورك.. وضعوها في ساحة حديقة سنترال بارك الشاسعة المساحة 3.4 كيلو متر مربع في مواجهة بحيرة مساحتها تزيد عن 20 فدانًا.
يمكن تخيل كيف يبدع المصورون العالميون في جعل المسلة تتناغم مع البحيرة في الصور التي يلتقطونها وانعكاسات المسلة على البحيرة في الصيف مع أشعة الشمس الذهبية، وعند تساقط الثلوج، وفى أضواء الليل.
وأتذكر تلك الصورة الشهيرة التي وقف فيها المصور عند نهاية حافة البحيرة ثم صور المسلة وهي واقفة شامخة عند طرف البحيرة الآخر تعكس البحيرة ارتفاعها ورونقها على صفحات المياه.
ولأنه ليس علينا أن نعيد اختراع العجلة.. فالمسلة التي نقلت إلى مدينة العلمين الجديدة، ستوضع في الميدان الذي يتوسط مبنى رئاسة الجمهورية ومبني رئاسة مجلس الوزراء، وهو تفكير حسن ومنطقي.. ولأنني لم أشاهد الماكيتات للمسلة والميدان حتى الآن.. ولكن أتنمى أن نعطي لها مساحة لكي تحصل على النور والنار والأضواء.
بقى أن أدعو وزير الآثار أن يعيد القيمة والقامة إلى منطقة صان الحجر التي جُلبت منها مسلة العلمين الجديدة.. فمنطقة صان الحجر بمحافظة الشرقية تستحق أن تكون كمدينة الأقصر أو أقل قليلاً.
تويتر: @TantawiPress