Close ad

الناشئون هم الحل

2-8-2019 | 20:16

بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الشباب السابع والزهور الوردية المتفتحة المفعمة بالحيوية والموجات الإيجابية، كان منتخب مصر للشباب لكرة اليد قاب قوسين أو أدنى من الفوز ببطولة العالم، وكادوا يحققون المعجزة بعد الفوز في سبع مباريات متتالية على أكبر الفرق في بطولة العالم، وكأن الله يعوضنا بهؤلاء الناشئين عن خيبتنا في منتخب الكرة للكبار.

وكان أهم ما قدمه شباب اليد هو الإصرار والإرادة والتحدي واللعب برجولة وبندية أمام أكبر الفرق العالمية؛ ولهذا يجب الحفاظ على هذا الفريق ليصبح بطلاً للعالم للسنوات المقبلة؛ لنتفوق - لأول مرة - في لعبة جماعية على مستوى العالم.

ثم - وهذا هو الأهم - أن نتيجة للاهتمام بالرياضات الأخرى؛ مثل الإسكواش والألعاب الفردية التي تبني الشباب، وتحقق بطولات عالمية، والمعنى أن لدينا "قماشة وخامات" بكر يمكن تدريبها وتوظيفها، لما تحتاجه هذه الأمة، ويمكن البناء على تلك الومضات الإيجابية؛ بحيث لا ينتهي الأثر الإيجابي بعد وقت؛ لنعود مجددًا نبحث ونستلهم أي إنجاز جديد، ففي بلادنا اعتاد المُحْدَثون - قبل أن يبدأوا بهدم ما فعله الأسبقون - سنةٌ لهم استنوها، ولم يفرضها عليهم أحد؛ فلا أحد يبني على بناء سابقه، فيعلو به، ويكبر البناء، ويأتي مِن خلفه مَن يستكمل، ويأتي مَن يزيد، فيعلو ويعلو حتى نصل إلى السماء.

المهم أنه في مثل هذه الأيام من كل عام تستقبل الأندية المصرية مئات الآلاف من الناشئين في اختبارات القبول، وكان من المفترض أن تشكل تلك الأعداد فرصة ذهبية لاختيار عشرات الفرق، غير أن الوساطات تحجب أي فرصة عن الموهوبين فعلاً، ويكفي أن أحد المدربين حصل من عامين على نصف مليون جنيه من أولياء الأمور لاختيار أبنائهم، وبرغم هؤلاء الآلاف الذين يحلمون بفرصة للاكتشاف، تذهب الأندية الكبرى للحلول السهلة وتتجه لشراء لاعبين أجانب بعشرات الملايين من الجنيهات، وأحيانًا الدولارات، ونتيجة الاستسهال والكسل في إعداد فرق مصرية من هؤلاء الناشئين تنشط عمليات السمسرة والمضاربة؛ بطعن الناشئين حينما تدفع الأندية الكبرى كل تلك الملايين، وربما يكون ثمن لاعب واحد ما يكفي لإعداد عشرة لاعبين مصريين من هؤلاء الناشئين.

ويكفي أيضًا أن نعلم أن فريقي الأهلي والزمالك ليس لديهما هداف مصري واحد، بعد اتجاه كل منهما لشراء لاعبين أجانب في هذا المركز.

وهكذا فشلت الأندية الكبيرة في أن تكون مصنعًا لإنتاج اللاعبين للمنتخبات، ولا يبقى سوى مراكز الشباب المنتشرة في المدن والقرى والنجوع، صحيح أن قلة الإمكانات المادية والإهمال أدى إلى شبه خراب لكثير من مراكز الشباب؛ لدرجة أن الملاعب لم تعد صالحة ولا تحتوي على الأدوات اللازمة لممارسة كرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد.

ووصل الأمر لإغلاق عدد منها بسبب عدم توافر أراض أو اعتمادات مالية لاستكمال أعمال الإحلال والتجديد؛ علمًا بأن أمهر لاعبين في تاريخ هذا البلد في كل الألعاب هم من صناعة مراكز الشباب، والتي وصل عددها إلى نحو أربعة آلاف مركز شباب، أسهمت بشكل كبير في احتضان المواهب وامتصاص حماسهم، بعيدًا عن التطرف والشطط.

وهكذا فإن الحل للمستقبل باختصار يكمن في رعاية حقيقية للناشئين، ثم في التطوير الجاد لمراكز الشباب؛ سواء بخصخصتها أو بابتداع أفكار لرعايتها؛ بحيث يمكن القيام بحملات للتبرع؛ مثل تلك الحملات التي تقوم بها المستشفيات في رمضان، أو أن يرعى أبناء الأقاليم من الأثرياء والمهاجرين هذه المراكز كصدقة جارية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصر الغريبة بأسمائها

الزائر لمصر لأول مرة لن يصدق أنه في بلد عربي لغته العربية فمعظم الأسماء للمحال والشوارع والمنتجعات، بل الأشخاص ليس لها علاقة باللغة العربية وباتت القاهرة

مصر تخطت الفترة الانتقالية

جاء حين على مصر كانت شبه دولة عندما تعرضت لهزة عنيفة ومحنة سياسية واقتصادية قاسية، عقب ثورتين تخللتهما موجات إرهابية تصاعدت فى ظل غياب وانهيار لمؤسسات

ثوار ما بعد الثورة

لابد من الاعتراف بأن كل ما في مصر الآن نتيجة مباشرة لأحداث ٢٥ يناير بحلوه ومره، فأي إصلاح هو ثمرة مباشرة لشجاعة ووعي ودماء شرفاء سالت لتحقق حلم الأمة في