Close ad

الربيع العبري السري

5-7-2019 | 20:16

حتى كتابة هذه السطور لا يزال الغموض يحيط بتوقف وتعطل مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع مظاهرات الفلاشا اليهود في إسرائيل، ومما يزيد الشكوك والظنون تجاهل معظم الوسائل الإعلامية العربية والإقليمية تلك الأحداث، حتى بدت انتفاضة الفالاشا وكأنها عمل سري تحت الأرض، ولم نلمح مجرد مراسل واحد من فريق قناة "الجزيرة" ولا "مباشر تل أبيب" من الجزيرة مباشر، وابتلع المتصهين جمال ريان ورفيقه فيصل القاسم ألسنتهما، واختفى المتنطع أحمد منصور، وغابت حواجبه عن الأحداث، عكس الحيوية التي تنتابهم في أي انتفاضة عربية، وإذا كان هناك أي فضل لثورة الفلاشا إلا تعرية وفضح "الجزيرة" وغلمانها لكفى، وللحقيقة أيضًا فقد كان التخاذل لمعظم الإعلام العربي، وخاصة لقنوات الإخوان الإرهابية في إسطنبول.

والحكاية باختصار أن إسرائيل تعرف سر انتشار الفوضى وتعرف أكثر قوة الإعلام بكل وسائطه، وبما أنها تتحكم في حراس البوابات الإعلامية، وامتلاكها لخوادم السرفر؛ فقد أغلقت كل منافذ الأخبار، وخاصة خاصية إرسال الصور بمالها من تأثير معنوي ضخم ومؤثر في تغيير وتحريك الرأي العام العالمي، ووصل التعتيم درجة عدم نشر المتابعات الخبرية حتى بدا الربيع العبري وكأنه سري، أو حدث داخلي.

وبينما كانت الفوضى تعم إسرائيل، ومظاهرات يهود الفلاشا تهدد بيت نتنياهو، والحرائق تضيء الشوارع، كانت قناة "الجزيرة" تبث ندوات عن الشرف الإعلامي، وتتنقل بين مظاهرات السودان والجزائر، وكانت حماس في غزة تستمتع بمشاهدة الربيع الصهيوني، وراح بعضهم يقسم بالله ويغرد قائلا: "انتقل الربيع العبري إلى إسرائيل؛ فوضى وحريق ومظاهرات واحتجاجات، وكل ذلك انتقام رب العباد ممن تسبب في دمار بعض الدول، وكانت الفرصة مناسبة جدًا لاقتحام السجون وأقسام الشرطة الإسرائيلية؛ لتحرير المعتقلين الفلسطينيين من أيدي المحتل الصهيوني، وظلت المظاهرات أكثر من أربعة أيام بدون أي تغطية إعلامية من معظم القنوات العربية الشقيقة، واختفى شعار "تل أبيب مباشر"، وبدا أن ما يحدث هو الشرارة الأولى للحرب الأهلية العبرية، وخرجت إحدى القنوات لتقول إن ما يحدث في إسرائيل من تظاهرات لإيران وروسيا يد فيه؛ لممارسة الضغوط على إسرائيل للانسحاب من أدلب سوريا؛ بدليل تصريحات الحرس الثوري مؤخرًا، وعلى تويتر انتشر هاشتاج "يارب شتت شملهم"، بينما كان يهود الفلاشا يهددون بإغلاق مطار بن جوريون، وتصاعدت المواجهات بإصابة أكثر من ٢٥٠ شرطيًا، وتصاعدت الاعتقالات، وبدا أن الوضع يخرج عن السيطرة، وبالتزامن مع تلك الأحداث ظهرت أكبر فضيحة دولية للموساد الإسرائيلي بعد إفشال محاولة انقلاب عسكري تنطوي على اغتيال رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو، ولم تكن الخطة مبنية على اغتيال مادورو فحسب؛ بل أيضًا اغتيال العميل الأمريكي خوان غوايدو؛ المنفذ وصاحب الانقلاب على مادوروا، وتنصيب نفسه رئيسًا على فنزويلا العام الماضي، وقد اعترفت به واشنطن رئيسًا على فنزويلا، في تحدٍ واضحٍ لكل الأعراف والقوانين الدولية كالعادة.

الهدف من اغتيال "مادورو" و"غوايدو" هو الدفع بشخص ثالث إلى قمة هرم السلطة، وهو الجنرال راؤول أسياس بادويل.. وكالعادة لم تشر أي وسيلة إعلامية عربية لتلك الفضيحة الدولية؛ بل لم تتحرك المنظمات الحقوقية الدولية لإدانة التمييز العنصري البغيض، الذي وصل لدرجة تحريم قبول التبرع بدم الفلاشا، ومقتل أكثر من مهاجر برصاص الشرطة العنصرية، وكانت تنجح كل مرة في إخماد احتجاجات الفلاشا؛ حتي تم مقتل الشاب الإثيوبي تيكا، وسرعان ما انتشرت التظاهرات في "حيفا" و"تل أبيب"؛ لكي تؤكد هشاشة المنظومة الاجتماعية لدولة الاحتلال الإسرائيلي في أن تصبح ملاذًا لليهود في العالم، وخاصة الأفارقة الذين كانوا منبهرين بها ويتسابقون لإقامة العلاقات الدبلوماسية للاستفادة من التقدم التكنولوجي والزراعي، وخلاصة الأمر أن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحوا من أدوات الأمن القومي لأي أمة، وويل لمن يجيد توظيفهم بمهنية وعلم وذكاء في حماية السلام الاجتماعي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصر الغريبة بأسمائها

الزائر لمصر لأول مرة لن يصدق أنه في بلد عربي لغته العربية فمعظم الأسماء للمحال والشوارع والمنتجعات، بل الأشخاص ليس لها علاقة باللغة العربية وباتت القاهرة

مصر تخطت الفترة الانتقالية

جاء حين على مصر كانت شبه دولة عندما تعرضت لهزة عنيفة ومحنة سياسية واقتصادية قاسية، عقب ثورتين تخللتهما موجات إرهابية تصاعدت فى ظل غياب وانهيار لمؤسسات

ثوار ما بعد الثورة

لابد من الاعتراف بأن كل ما في مصر الآن نتيجة مباشرة لأحداث ٢٥ يناير بحلوه ومره، فأي إصلاح هو ثمرة مباشرة لشجاعة ووعي ودماء شرفاء سالت لتحقق حلم الأمة في