Close ad

الإسلام والمرأة.. ظلم ومهانة أم رفعة وكرامة؟ (2)

20-6-2019 | 19:59

عطفًا على المقال السابق "الإسلام والمرأة.. ظلم ومهانة.. أم رفعة وكرامة؟ (1)" أقول؛ إنه من الافتراءات التي تلصق وينعت بها إسلامنا، زورًا من قبل الغرب والعلمانيين والليبراليين، أنه يظلم المرأة، وينتقص من قدرها، ويريد أن يجعلها حبيسة في البيت، لا ترى النور ولا الحياة، ناهيك عن فرضه وإجباره الحجاب عليه!

وبالعودة إلى إحدى الدراسات الإعلامية - ردًا على ما سبق - نجد أنها أظهرت أن الكثير من الأعمال الدرامية تصور المرأة على أنها كائن يعاني من مشكلات سببها دائمًا أنها أم وزوجة، ومعنى ذلك أن دوري المرأة الرئيسيين والأساسيين هما سبب تعاستها، ويكمن حل هذه المشكلات في هذه الأعمال الدرامية في أن تتمرد الأنثى على هذين الدورين، ونموذج الأنثى هذا الذي تقدمه وسائل الإعلام يؤدي إلى زيادة التفكك الأسري، ولما لا والرجل يرى المرأة في هذه الوسائل الإعلامية الدرامية في أبهى صورة وحلية وزينة، ولا يجد ذلك عند امرأته، فتحدث المشكلات بين الأزواج، ويشعر الزوج بأنه غير راض عن مستوى جمال زوجته.

وفي المنتدى الفكري الأول للمجلس القومي للمرأة، حيث كانت صورة المرأة في وسائل الإعلام هو محوره، أكد أحد الإعلاميين، أن وسائل الإعلام تتحدث عن النساء، ولا تجعل النساء يتحدثن عن أنفسهن، ثم عدم الاهتمام بالثقافة الدينية عند معالجتها لقضايا المرأة، وتحول الخطاب إلى خطاب ندية وصراع، وكأننا في معركة بين المرأة والرجل، ينتصر فيها البعض للمرأة على حساب الرجل أو العكس، فهل هذه المرأة التي ينشدونها ويسوقونها في مجتمعنا المسلم المحافظ؟ وماذا يعلمون بناتنا ونساءنا من هذه النماذج القميئة؟ وما هي المثل التي يعطونها إياها من خلالها؟!

إضافة لأخطر المظاهر التي تحط من قدر المرأة وتشين كرامتها، وعبر وسائل الإعلام المرئي أيضًا، ما نشاهده جميعًا عبر الإعلانات التجارية، حيث أشارت إحدى الدراسات - عند تحليل مضمون 356 إعلانًا تليفزيونيًا - إلى استخدام صورة المرأة وصوتها في 300 إعلان من 356 إعلانًا، وأن 42% من الإعلانات التي ظهرت فيها المرأة لا تخص المرأة، أي ليست بالضرورة أدوات تجميل أو أزياء أو مواد غذائية، فلا تعجب إذا رأيت دعاية لإطارات سيارات بجوارها امرأة، ووجد الباحث أن 76% من الإعلانات اعتمدت على مواصفات خاصة في المرأة، كالجمال والجاذبية، و51% من الإعلانات تعتمد على حركة جسد المرأة، و12% من الإعلانات استخدمت فيها ألفاظ جنسية.

أما المرأة في الإعلام المقروء، فقد أثبتت الدراسات التي أجريت على المجلات النسائية المتخصصة في العالم العربي، أنها تخصص 75% من صفحاتها للجوانب الجمالية والمظهرية، كالأزياء والمكياج أو المشكلات العاطفية للقارئات، مما يكرس فكرة أن القضية الأولى للمرأة العربية هي اهتمامها بأنوثتها، وإغفال قدراتها كإنسان وكمواطنة، كما تولي وسائل الإعلان المقروء أيضًا اهتمامًا مبالغًا فيه لبعض المهن مثل الفنانات والرياضيات وسيدات الأعمال، على حساب المعلمات والباحثات والعالمات والفلاحات.

هنا تصمت كل أبواق ومعتنقي العلمانية والليبرالية والتغريب، هنا يغضوا الطرف وكأن هذه الصورة المشوهة للمرأة في الإعلام هي ما يبتغونه ويرتضونه لها، أما المرأة المسلمة الحكيمة؛ كأم سلمة ورجاحة عقلها مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ومشورتها له بعد صلح الحديبية بأن يتم نسكه فينحر ويحلق، ثم إذا رأوه المسلمون يفعل، فعلوا ذلك بعد تذمرهم، وبالفعل يحدث ما أشارت عليه "رضي الله عنها"، بعد أن كاد المسلمون أن يهلكوا بعصيانهم لنبيهم "صلى الله عليه وسلم".

وهذه المرأة الفقيهة، والتي لا يوجد في الأمة من هي أعلم منها، فقيهة النساء أمنا السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق "رضي الله عنهما"، وتلك المجاهدة نسيبة بنت كعب أم عمارة، التي شهدت مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" غزوات أحد والحديبية وخيبر وحنين وعمرة القضاء وبيعة الرضوان، وقاتلت المرتدين يوم اليمامة، وقاتلت وأبلت بلاءً حسنًا، وجرحت اثني عشر جرحًا، حتى قال عنها الحبيب النبي "صلى الله عليه وسلم": "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان"، عطفًا إلى النماذج المشرفة للمرأة المصرية، مثل هيلانة سيداروس أول مصرية تمارس الطب في ثلاثينيات القرن العشرين، وسهير القلماوي أستاذة الأدب العربي المعاصر والصحفية المرموقة، ولطفية النادي أول كابتن طيار مصرية، وسميرة موسى أول عالمة ذرّة، ومفيدة عبدالرحمن أول محامية، والأميرة فاطمة إسماعيل راعية العلم، وغيرهن الكثيرات، كل تلك الصور الرائعة للمرأة المسلمة والمصرية، التي ينبغي للمرأة الآن أن تحتذي بهن، فلا مكان لهن عند العلمانيين والليبراليين في إعلامهم المرئي والمقروء، بل يخاض فيهن، وفي مكانتهم السامية بجحود مقصود، وإنكار وتشويه متعمد لكل ما يمت لهن بصفة أو علاقة، من قريب أو بعيد، فكل ما يهمهم العمل على إعطاء المرأة حقوقها وتحريرها، ولا أدري أي حقوق هذه التي سلبت منها؟ ومن أي شيء يريدون تحريرها؟ اللهم إن كانوا يقصدون تحريرها من ثيابها، ومن دينها، كما يفعلون بها الآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
المعذرة العملية لله ورسوله

المعذرة العملية لله ورسوله

ملتقى القاهرة الدولي الخامس للخط العربي

بادئ ذي بدء، أسجل عشقي وهيامي بفن الخط العربي كفن إسلامي أصيل يأخذ بالأفئدة والألباب قبل أخذ الأبصار، ذلك أنه حاضن رئيس لوعاء هويتنا العربية والإسلامية

عمارة.. ونشر علمه وفكره

عمارة.. ونشر علمه وفكره

صناعة التطرف والعنف .. بفيلم كارتون

أثار انتباهي هذا التقرير المنشور للزميلة إيمان عباس بـ"بوابة الأهرام" تحت عنوان (صناعة التطرف والعنف تبدأ بـ"قصة وفيلم كارتون".. والبرلمان يفتح الملف)،

تعلموا الحب الحقيقي

لا حديث الأمس واليوم وغدًا، يسيطر على عقول الكثير منا، إلا الحديث عن "عيد الحب"، "الفلانتين" والترتيب لإحياء ذكراه، لينعم فيه كل محب بحبيبه - حالمًا وواهمًا

القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية

في خبر سار يضاهي واقع ومكانة قاهرتنا وتاريخها الإسلامي التليد، أعلن في التاسع عشر من الشهر الماضي - وعبر المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"-

الطيب.. والخشت.. وأهل الفتن

الطيب.. والخشت.. وأهل الفتن

الليبرالية .. التخلص من قيود السلطات الثلاث

الليبرالية .. التخلص من قيود السلطات الثلاث

حضارة نبينا.. نموذج عملي لحياتنا

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الآباط

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟

عطفًا على حديثي بمقالي السابق "هذا هو الإسلام"، الذي تحدثت فيه عن حملة وزارة الأوقاف العالمية الدعوية "هذا هو الإسلام"، التي أطلقتها لهذا العام بأكثر من

هذا هو الإسلام

جميل، وبديع، ومثمن، صنيع وزارة الأوقاف حين أطلقت حملتها العالمية الدعوية لهذا العام "هذا هو الإسلام" بأكثر من عشرين لغة، بيانا لصحيح الإسلام للدنيا بأسرها،