Close ad

"باتشاي" شهر الصوم في الصين

11-5-2019 | 02:04

على الرغم من وجود ثوابت وقواسم مشتركة بين المسلمين في جميع دول العالم بشأن مفردات وأسس الصيام والتي أقرها القرآن الكريم والسنة النبوية، فإن هناك عادات وتقاليد لكل دولة تتميز بها للاحتفال بشهر رمضان المبارك، تختلف طبقًا لثقافات تلك الشعوب وطبيعة كل مجتمع والجالية الإسلامية الموجودة به، خاصة إذا كانت تلك الدولة ليست إسلامية وإنما هناك أقلية إسلامية تعيش بها مثل المسلمين في الصين وتايلاند والهند وأمريكا وأوروبا وغيرها من الدول غير الإسلامية، ولكنها تضم مجموعات عرقية مسلمة تنتمي إلى الدولة نفسها أو جالية إسلامية من المسلمين المهاجرين إليها.

وخلال زياراتي المتعددة للصين التقيت الكثير من القيادات الصينية الإسلامية سواء من الجمعية الصينية الإسلامية التي تدير شئون المسلمين في الصين والذين يبلغ عددهم نحو 23 مليون نسمة، أو من قيادات المراكز الإسلامية المنتشرة في المناطق الإسلامية، خاصة في مقاطعة ننغيشيا ذاتية الحكم لقومية "خوي" المسلمة أو مقاطعة شينجيانج ذاتية الحكم لقومية "الإيغور" المسلمة شمال غرب الصين؛ حيث يتركز معظم مسلمي الصين بهاتين المقاطعتين إلى جانب قوميات أخرى في مقدمتها الهان؛ حيث يطلقون على شهر رمضان مسمى "باتشاي" .

وخلال زيارتي – مؤخرًا – مقاطعة شينجيانج زرت المعهد الإسلامى لشينجيانج والتقيت مديره الشيخ عبدالرقيب الذي قال لي إن هناك استعدادات خاصة لشهر رمضان الكريم في المقاطعة لمسلمي الإيغور وغيرهم من القوميات الأخرى، حيث نصوم الشهر الفضيل ونصلى التراويح ونعلم طلاب المعهد، الذين يبلغ عددهم 1100 – في هذا الفرع فقط – حيث يملك المعهد ثمانية فروع بها ثمانية آلاف طالب - كافة العلوم الشرعية والقرآن، ومنها الصوم وتعاليمه وقواعده حيث يدرس الطلاب بالمعهد مدة تتراوح بين 3- 5 سنوات يحصلون بعدها على درجة البكالوريوس ويعملون في المدن المختلفة بالمقاطعة وليست مدينة أورومتشي فقط .

وقال إن شهر رمضان يعد فرصة للتواصل بين المسلمين والقوميات الأخرى غير المسلمة؛ حيث نتبادل الهدايا من الحلوى والمأكولات الإسلامية المميزة لقومية الإيغور وغيرها من القوميات الإسلامية، بينما نستفيد من أيام شهر رمضان بزيادة الجرعة الثقافية وتأكيد التجانس بين القوميات المختلفة داخل البلاد والتركيز على محاربة الأفكار المتطرفة والتوجهات الدينية غير الصحيحة لدى بعض الشباب وتأكيد ضرورة اندماج الشباب فى المجتمع، والعمل بصورة صحيحة لدعم خطط التنمية والإصلاح التي تصب في مصلحة كل القوميات دون تفرقة، ونبذ أي صورة من صور الإرهاب الذي حصد الكثير من أرواح الأبرياء فى مقاطعة شينجيانج، وبالتالي فنحن نعلم الطلاب أيضًا فصل الدين عن السياسة وتاريخ الصين والمقاطعة معًا.

وفي المساجد الصينية لا تجد المصاحف – كما هو الحال بالنسبة للدول الإسلامية – بل تجد مصحفًا واحدًا فقط مترجمًا إلى اللغة الصينية أو الويغورية طبقًا للمكان الموجود به المسجد؛ حيث شاهدت ذلك في مساجد مدينة أورومتشي عاصمة شينجيانج، وولاية أكسو التي تضم 182 مسجدًا، وولاية ختيان التي تضم المسجد الجامع وهو من أقدم المساجد في الصين ويتسع لخمسة آلاف مصلٍ في آن واحد، ولكن يمكنك أن تجد مصحفًا مترجمًا إلى اللغة الويغورية – كما قال لي إمام المسجد الجامع في ولاية ختيان – في كل منزل حيث تزداد قراءة القرآن خلال شهر رمضان، وكذلك المحاضرات والندوات الدينية في المساجد لتوعية الشباب بأهمية شهر رمضان، في ظل الإقبال الكبير على المساجد فى رمضان؛ حيث نقوم بإعداد الموائد الرمضانية الضخمة فى فناء المسجد لتناول الإفطار مجانًا لجميع الصائمين يوميًا من الرجال؛ حيث لا تحضر النساء للصلاة فى المساجد طبقًا لتقاليد قومية الويغور، ويؤدين الصلاة فى المنازل.

والمؤكد أن المسلمين في الصين يعدون شهر رمضان فرصة لزيادة أواصر الترابط والتواصل بين القوميات المختلفة؛ سواء من المسلمين أو غيرهم، خاصة أن الصين تضم 56 قومية، وأن مقاطعة شينجيانج التى تضم ولايات تشانسي وأكسو وختيان وكاشجار وإيلي، تتمتع بأغلبية مسلمة لقومية الويغور، إلى جانب القوميات الأخرى وتعد نموذجًا للتعايش السلمي بين الأديان والعرقيات المتعددة في الصين.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: