Close ad

ترام الإسكندرية الأصفر الذي أحببته

2-5-2019 | 19:03

حالة من البهجة انتشرت في شوارع الإسكندرية بعد سير الترام الجديد ذي اللون الأصفر.. فرحتي بهذا الترام لا تقل عن فرحة أهالي المدينة أنفسهم، بالرغم أنني لست من سُكان الإسكندرية.

عودة ترام جديد بإمكانات كبيرة لتدب في شوارع عروس البحر المتوسط لهو أمر جميل.. كما أنني أحب اللون الأصفر فهو فاقع مبهج.

ربما تتلاءم ألوانه مع ألوان التاكسي؛ حيث الأسود والأصفر.. أيضًا مثل ألوان الرصيف الأسود والأصفر.. لكنه في رأيي عبارة عن شمس جديدة تُشرق على الشوارع القديمة وقطبان الحديد العتيقة.

علمني والدي – رحمه الله – أنه كلما أتيحت لي الفرصة لزيارة مدينة جديدة أن استقل المواصلات العامة فيها إلى نهاية الخط، ثم أرجع إلى بداية انطلاقي.. لأعرف المدينة وأشاهدها بأقل التكاليف.

في فترة الجامعة وفي معسكر الشباب إلى مدينة الإسكندرية ركبت ترام الإسكندرية بداية من محطة الرمل إلى نهاية الخط، ورجعت مرة أخرى إلى محطة الرمل.. عرفت ما بداخل المدينة العالمية أكثر مما عرفت من ركوبي في الميكروباصات وسيارات الأجرة.

تأمل وجوه الناس أثناء صعودهم وهبوطهم، وانتظارهم للترام.. ثقتك وراحتك النفسية بأنك لا تنتظر محطة معينة للنزول، أنت مع السائق حتى يصل إلى نهايته.

لا يوجد قلق؛ لأنك سُتضيع محطة ما أو تشد أعصابك للحاق بمحطة دون محطة.. فقط اجلس وتأمل وشاهد واستمتع.. وعد كما كنت، ومن حيث أتيت.

ترام الإسكندرية مرتبط عندي بتلك الراحة النفسية؛ خاصة الترام ذا الدورين.. جلست بالدور الثاني واسترخيت، وبدأت رحلة استكشاف مدينة الإسكندر والرومان وكليوباترا.. والمدينة الشاملة وواحدة من أعرق مدن العالم.

أما الآن فأصبح لأهل الإسكندرية ترام فيه الكثير من التكنولوجيا الحديثة، فهو تصميم شركة أوكرانية، أضافت له واي فاي - إلى جانب التكييف - وسرعة قد تصل إلى 75 كيلو مترًا في الساعة.. وحجم عربات مناسبًا؛ ليمر في أحياء الإسكندرية العتيقة الضيقة.. مع أمان لا يسمح بفتح الأبواب أثناء السير.. وكراسي لنقل 140 راكبًا في الرحلة الواحدة.

ترام أرجو أن يعيد الإسكندرية إلى عهد انتعاش السياحة القديمة.. حين كان السائح يركب الترام بيسر وسهولة ويستمتع به ويأخذ الصور التذكارية الذي يشاهدها أهله وأقاربه عند العودة.

لكن في النهاية يبقى شيء ناقص.. كأننا نكره الكمال، أو كأننا نُلقى التراب في العيون، خوفًا من الحسد على الشيء الجديد.. فالترام الأصفر يسير على خطوط ليست مخصصة للونه، وهو الأمر الذى يحير القادمين إلى الإسكندرية، وينفي ما هو مكتوب في كُتيبات السياحة.

ولماذا لا تكون كل خطوط الترام في المدينة موحدة تحمل نفس الصفات والإمكانات؟!.. ولماذا ندخل زيد في عبيد؟!

لا أتمنى أن أرى في الإسكندرية ما رأيته في القاهرة من قبل.. فعندما أطلقت القاهرة التاكسي الأبيض، قضت تدريجيًا على تاكسي القاهرة الشهير (الأبيض والأسود).. ذلك التاكسي الذى كان السياح العرب يركبونه ويلتقطون فيه الصور التذكارية؛ كتقليد لنجوم السينما القديمة؛ شادية وكمال الشناوي وشكري سرحان وعمر الشريف.

اختفى تدريجيًا التاكسي الأبيض في أسود.. وظهر لفترة التاكسي الأصفر.. ثم جاءت شركة "أوبر وكريم" لتقضي على الأخضر واليابس.

على عكس مدينة مثل لندن.. مازالت تحافظ على تاكسي لندن الشهير.

وما حدث في التاكسي تكرر أيضًا مع هيئة النقل العام.. من تغيير لون أوتوبيس الهيئة مرة أبيض ومرة أحمر ومرة أصفر.. في تشويه لا يجب أن يستمر ولا يجب أن يكون.

وإذا كانت الحجة لتغيير الألوان لإخبار الناس بثمن التذكرة.. فيمكننا تعريف الناس بطريقة أخرى تكون أقل تشويهًا وأكثر تجانسًا في الذوق العام للمواصلات العامة.

المواصلات العامة هي أكبر دعاية للمدن ولعواصم العالم.. هل نعلم ذلك؟!

تويتر: @tantawipress

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
أحمد سعيد طنطاوي يكتب: بيت السحيمي والدراما

أثارت الكاتبة الكويتية دلع المفتي، عليّ المواجع، عندما طرحت سؤالا على حسابها الشخصي في تويتر.. عن البيت الرائع الذي يظهر في مسلسل راجعين يا هوى بطولة الفنان خالد النبوي.. وهل مفتوح للزيارة

أحمد سعيد طنطاوي يكتب: "مصر أرض المجددين"

في رمضان هذا العام، لا يفوتني برنامج مصر أرض المجددين ، فهو وجبة دسمة فى التاريخ والدين والتراث والمواقف والمآثر عن عظماء مروا على أرض الكنانة، أثروا

أحمد سعيد طنطاوي يكتب: تدبر آيتين من سورة البقرة

مع دخول شهر رمضان، أسارع أنا وغيري بالإمساك بالمصحف ونبدأ بقراءة القرآن، الكل يحاول أن يجتهد على قدر استطاعته، فمنا من يختمه قبل انتهاء الشهر، ومنا من

أحمد سعيد طنطاوي يكتب: زراعة اللؤلؤ في الإمارات

على بعد نحو 200 متر من شاطئ خور الرمس في رأس الخيمة، استمعت ومجموعة من الصحفيين لمحب وهو يحكي عن حبيبته، والحكي عن المحبوبة يضفي على القول لمسة الصدق فتجعل الكلام يصل بسهولة ويسر إلى القلوب

أحمد سعيد طنطاوي يكتب: التزييف العميق ووعي المواطن

في مارس 2021 ، أثارت مقاطع فيديو على تطبيق تيك توك ضجيجًا عالميًا حين ظهر النجم الأمريكي المحبوب توم كروز ، وهو يؤدي خدعة سحرية بعملة معدنية

أحمد سعيد طنطاوي يكتب: رسالة للدكتور خالد عبدالغفار

أمر رائع أن يخرج علينا الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والقائم بمهام وزير الصحة، ليوجه بالاستجابة لصرخات المعاقين بشأن عدة نقاط طلبوها أكثر من مرة

أحمد سعيد طنطاوي يكتب: تعذيب المعاقين .. من المسئول؟!

غريب ما تقوم الإدارة المسئولة عن موقع المجالس الطبية المتخصصة، وخاصة فيما يخص تسجيل المعاقين لتحديد موعد للكشف الطبي للحصول على سيارة مجهزة طبيًا

أحمد سعيد طنطاوي يكتب: العلم في علبة الكشري

كانت تجربة لطيفة وخفيفة، عشتها فى مؤتمر صناعة الإبداع الثاني عشر المقام في القاهرة.. حين قدم رودريجو جارسيا جونزاليس ومعه شريكه، بيير باسلير فكرة رائدة

الأكثر قراءة