Close ad

رعاية المبادرات

6-4-2019 | 22:35

ذهبنا بالأمس كأسرة إلى مقر حملة "100 مليون صحة" في أحد نوادي 6 أكتوبر، بينما كانت الحملة أول الأمس أمام المسجد القريب بعد صلاة الجمعة..

كنت وزوجتي وأولادي.. وأسعدنا جدا أن نكشف مجانًا، بمعنى آخر أن نقوم بفحص طبي معقول ومن دون مقابل، لنتأكد من خلونا من فيروس سي، والكشف أيضًا على مستويات الطول والوزن ومؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم والسكر..

هي أمراض قد تكون لدى البعض ولا يشعر بها، أو تصيبه آفة الكسل، التي تصيبنا جميعًا، ولا يذهب للفحص الشامل أو الجزئي.. هذه المبادرة هي الأكثر جدية وكفاءة في لائحة مبادرات أخيرة في بر مصر، وأتمنى أن يكون مستوى الخدمة الذي حصلت عليه أسرتي، هو نفسه في كل مكان تتواجد فيه الحملة.

الإعلانات حول مبادرة السيد رئيس الجمهورية كثيرة، والمبادرة نفسها مر على انطلاقها بضعة أشهر، لكنني أكتب عنها الآن بعد أن طالتني وأسرتي، ووجدتها منظمة، مرتبة، وحقيقية.

هذا الاهتمام بالمبادرة مني ومن غيري يجب أن يكون جزءًا من حركة أوسع، تصل بها إلى أن تكون نموذجًا اجتماعيًا قابلًا للتطبيق في مجالات أخري.

والقيام بمهمة "النموذج" ليس أمرًا سهلًا، ما لم يكن هناك إيمان بهذه المبادرة وأهميتها ودورها، وهو ما ألاحظه، وبالتالي هذه المبادرة قادرة على إفساح الطريق لمبادرات أخرى، تتيح فهم المجتمع والمستوى الثقافي الذي وصل إليه، الثقافة بمعناها الواسع، الذي يشمل أيضًا الأخلاق، والإحساس بالمواطنة، والشعور بالغير، والسلوكيات بصفة عامة، وعلى رأسها على حد تعبير الزميل الصحفي محمد الحنفي التربية البشرية التي نحتاجها أكثر من التنمية البشرية.

وبالتالي فإن النموذج الناجح لا ينجح في ذاته فقط، وإنما ينجح إذا ما صلح أو أغري بالمحاكاة.. ومن هنا، وإذا كنت فهمت المعنى على النحو الصحيح، في جملة "100 مليون صحة"، أي أنها تستهدف الـ100 مليون الذين يعيشون على أرض مصر، فإننا بحاجة إلى الـ(100 مليون) في مجالات أخرى.. مثل التعليم؛ لأنه أيضًا يهم كل المصريين، ومثل التوظيف والذي نشكو جميعًا من نقص فرصه، أغنياء وفقراء، أصحاب شهادات وغير المتعلمين، وهذه المبادرات؛ سواء المطروحة أو التي أتمنى طرحها، مبنية في الأساس على خطط وأهداف، وأيضًا على النوايا الحسنة.

وقد طرحت في الأشهر الأخيرة مبادرات مثل "حياة كريمة" وتحرك المجتمع والحكومة معها أقل مما جرى مع مبادرة "100 مليون صحة"؛ والدليل واضح للعيان في الشارع، مازلنا نرى مشردين، بالإضافة إلى جموع الشحاذين، في العديد من الأماكن والميادين ومترو الأنفاق.

ولا أعرف إن كان التخطيط للمبادرة قد شمل هؤلاء أم لا، ولكنه كان يجب أن يشملهم، ولا نتوقع إنهاءً فوريًا لهذه الظواهر؛ وإنما نتوقع تراجعًا للأعداد، فانحسارًا ثم اختفاء.

وكذلك مبادرة طلاء المنازل على الطريق الدائري التي شوهت حياتنا وأبصارنا، وجعلتنا نلعن الحياة ومن فيها؛ صاحب العقار يخالف كما يحلو له، ويرفع الطوابق إلى ما شاء، لكن أن يكلف نفسه ثمن الطلاء، فهذا شيء آخر.. لا أحد يلزمه، لا حي ولا محافظ، ولا السكان، الذين وجدوا سكنًا بسعر معقول؛ سواء تمليك أو إيجار، ليبدؤا منه تاريخَا شخصيًا شديد الصعوبة، حتى يأذن الله لهم بمكان آخر أكثر آدمية.

لو كان الحي يراقب بضمير ما ظل المصريون يبحثون عن سكن من المهد إلى اللحد، وظلوا في أماكنهم المرتبة النظيفة جيدة الإضاءة، الآدمية بصفة عامة، وما يفيض منهم يمكن أن يدخروه في البنك أو هيئة البريد لساعة قادمة.

إذن مبادرة طلاء هذه العمارات المريبة مهمة، وقد تساهم في رفع معنويات سكانها والمارين بها على السواء.

هناك أيضًا مبادرات صغيرة مثل "الرصيف حق للمشاة" والتي مازالت لافتة فحسب، ومبادرة "مصر بكم أجمل" وتنطلق اليوم الأحد من جامعة المنصورة مبادرة "صنايعية مصر".. كل هذه المبادرات مكلفة على الحكومة حتى تكون حقيقية وناجزة، وقد تتعاون فيها جهات كرعاة أو كمتبرعين؛ وبرغم ذلك أتمنى أن تكون المبادرة عملًا مستمرًا، بمعنى ألا تتوقف.

فمبادرة "100 مليون صحة" يجب أن تستمر كساحة قتال ضد المرض، وحماية لصحة المصريين.

إن رعاية هذه المبادرات، والتمسك باستمرارها وتشغيلها وتفعيلها، يوسع الرؤية ويعمق الهدف ويكرس النموذج؛ حتى لا تكون النظرة ضيقة، أو مبادرة ومرت زي الثواني، الاستمرار والمتابعة يحتاجان إلى أن تكون المبادرات بأنواعها في يد مسئول دائم في مجلس الوزراء، أو في يد وزير محدد كوزير التنمية المحلية؛ ليقدم خلاصاتها إلى المجلس وإلى الرأي العام.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: