قيل الكثير عن سوء خدمات السكك الحديدية في مصر، فلا أحب تكرار هذه الأسباب؛ لأن التكرار يدعو إلى الانصراف عن القائل، وفى أحيان أخرى يصنع رتابة تؤدي إلى النوم، فالفلاح ينام بالقرب من الساقية لصوتها الرتيب، وراكب القطار - برغم صافرته المتكررة المزعجة وصوت عجلاته - يستطيع النوم للرتابة المصاحبة لحركة سيره.. وكذلك سوف يتوقف القارئ لو كررنا كلامنا.
أما الكلام غير المكرر الذي أحاول قوله.. فما هو إلا مجرد ملاحظات؛ حيث أركب القطار بشكل شبه يومي.. ولأنني غير متخصص في تطوير السكك الحديدية، فإن ما أكتبه مجرد محاولات بسيطة للمساعدة.. أضعها أمام وزير النقل.
نبدأ من تطوير المزلقانات والتي وفقًا لخطط التطوير ستأخذ شهورًا عديدة.. وهنا السؤال لماذا لا تكون المزلقانات الأرضية سابقة جاهزة، وتُصنع في إحدى ورش التصنيع؟! كالهيئة العربية للتصنيع مثلًا.. ثم تُجلب إلى مكان المزلقان ويتم رصها على الفور.
الفكرة سهلة وبسيطة؛ نظرًا لأن المسافة بين قضيبي القطار ثابتة، والمسافة بين كلا الاتجاهين (الذهاب والعودة) تقريبًا شبه ثابتة.. فلماذا إذن نُغلب أنفسنا وعمالنا ونظل نبنى في المزلقان الواحد عدة أسابيع.. ويمكننا جلبه وتجهيزه في ساعات معدودة ـ كما حدث مع عبور الدبابات قناة السويس في حرب أكتوبر ـ أو على الأكثر ننتهي من بناء المزلقان كله في أيام معدودة بدلا من أسابيع أو شهور.
تقليل الأسوار الأسمنتية واستبدالها بالأسوار الحديدية أو باستخدام أي شكل جمالي آخر؛ بدلا من تلك الأسمنتية الفاقدة للذوق وتهدر الملايين من الأموال في التأسيس ثم المحارة ثم الدهان وجه أول ثم الدهان مرة أخرى (كنظرية حبل للخروف) الشهيرة.. ثم إنها تنهار تحت وزنها وبسبب عدم اتزانها.. كما أنها تُشعر المسافر أنه يدخل قبوًا فلا يرى سوى جدار أسمنتي مصمت فلا يشاهد القرى ولا النجوع ولا الكفور.
تشجير جنبات السكك الحديدية بدلا من تركها أماكن لتجميع القمامة، أو مكانًا لإثارة الغبار وهو ما ينعكس بصورة جيدة على عيون المسافرين، ووقاية لهم من الرمال والأتربة.
إغلاق بند التذاكر المجانية أو الميداليات المجانية والتي يعطيها صاحبها للأهل والأقارب والجيران.. فهي تشكل بابًا كبيرًا من أبواب الدخل الضائع المهدر على هيئة السكك الحديدية؛ برغم أنها في أمس الحاجة إلى زيادة دخلها للتطوير وتحسين الأداء.
منع استخدام الكمسارية الورق نهائيًا، واستخدام ماكينات تكنولوجية جاهزة.. أعرف أن الماكينات موجودة.. ولكنها تترك على حسب مزاج كل كمسري.
تفعيل دور الأمن بشكل أكبر داخل القطارات.. لمنع التدخين، ومنع الباعة الجائلين، ومنع المُخربين للقطار كالمهشمين للزجاج وغيرهم.. وإن كنت أرى الآن صرامة وحزمًا في تطبيق منع التدخين في القطارات إلا أن عُنصر الأمن أحيانًا يغض الطرف عن البائعين الجائلين؛ بحجة أنهم غلابة ولا يرغب في قطع أرزاقهم.
فتح باب استغلال المحطات الكبرى للإعلانات التجارية فهيئة السكك الحديدية تمتلك نحو 9000 كيلو متر من الأطوال، وهذه المسافة يمكن استغلالها عبر عشرات الشركات الإعلانية.. ففي كل بلد هناك ميزة عن غيرها، وكل بلد لها ما تحتاجه وترغبه.
تدشين سلالم كهربائية في محطة رمسيس للقطارات تربط كل الأرصفة بعضها ببعض، فللعلم المسافرون يتكبدون العناء والمشقة صعودًا وهبوطًا على السلالم العادية بأمتعتهم الثقيلة.. والتعب يزيد لو اضطروا إلى النزول والصعود في النفق في حالة تغيير أرصفة القطار.. السلالم الكهربائية هنا أصبحت ضرورة لتخفيف تلك المشقة.
إبعاد الكمسارية الذين يسدون مداخل الأرصفة والبوابات في محطة رمسيس للقطارات.. فهم يعطلون المسافرين.. فبدلا من توجيههم للمسافر أو تأكدهم أنه يحمل تذكرة.. يكونون بديلا عن شباك التذاكر؛ ولكن مع وضع الغرامة على التذكرة كأنهم داخل القطارات.. وهو أسلوب خادع للمسافرين الذين لا يعلمون مكان شباك التذاكر.
أرجو ثم أرجو ثم أرجو أن تنتهي عمليات تطوير المحطات بالطريقة التي تحدث في الماضي من استبدال بلاط ببلاط.. وألوان بألوان.. ورصيف برصيف.. فليس ذلك التطوير المنشود.. فالتطوير يكون بإطالة الأرصفة القصيرة.. بتسهيل خروج ودخول الناس للمحطات.. بزيادة شبابيك التذاكر وباستخدام التكنولوجيا.
أخيرًا جميع المسافرين يرغبون في انتظام حركة القطارات حتى لو كانت هناك بعض النواقص مثل أن تكون العربات بدون إنارة، والكراسي غير مريحة.. فالجميع يرغب في ضبط ساعته على موعد القطار كما كان يحدث في الأفلام القديمة.
أعلم أن التركة ثقيلة والتحديات صعبة، أعانكم الله عليها.. والله من وراء القصد.
تويتر: @tantawipress