Close ad

السلم الاجتماعي.. أمن قومي

18-12-2018 | 22:25

دائمًا ما كنا ننظر بإعجاب إلى المجتمعات الغربية وأمريكا، تلك الدول المستقرة والمتقدمة، خصوصًا فيما يتعلق بحالة السلم الاجتماعي السائدة فيها والتعايش بين معتنقي الأديان والأعراق المختلفة.. والسلم الاجتماعي غاية وهدف نبيل لجميع الأمم والشعوب، والسلم من السلام وأصله السلامة والنجاة من العيوب والآفات والمخاطر.. ويا حبذا لو كان تحقيق السلم الاجتماعي توجه لدى رأس الدولة أو القيادة السياسية..

يقول المفكر مالك بن نبي: كما كانت العلاقات الداخلية السلمية هي نقطة الانطلاق في تاريخ المسلمين، فإن تدهورها هو مؤشر السقوط والانحطاط، لقد كان المجتمع الإسلامي قبل أفوله غنياً.. وللأسف شبكة علاقاته الاجتماعية قد تمزقت وسارت أعراض مرضه واضحة للجميع؛ بسبب تراجع السلم الاجتماعي، وبسبب التطرف، الذي أصاب عقول وفكر الشيوخ والشباب.

وبالتالي أصبحنا مجتمعات مريضة وماضية إلى النهاية، إذا ما تفكك المجتمع وطغت الأغلبية على الأقلية.. جاء الإسلام دعوة للسلم والسلام على مستوى العالم أجمع، والبشرية جمعاء،  حيث جاء في القرآن الكريم: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ)، وقد تكرر الحديث عن السلم والسلام في أكثر من خمسين آية في القرآن الكريم. يقول تعالى: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ).

ويقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). كما يوجه الإسلام الأمة المسلمة إلى إنشاء العلاقات السلمية القائمة على البر والقسط والإحسان مع الأمم الأخرى، أما المواجهة فهي محصورة في حدود من يمارس العدوان ضد الإسلام والمسلمين..

ويقرر القرآن الكريم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)؛ أن المبدأ الأساسي في العلاقات بين البشر هو مبدأ السلم والتعاون؛ إذن السلم الداخلي أمن قومي.. وبعض المفسرين رجح أن يكون المقصود هو السلم بمعناه اللغوي أي الصلح والمسلمة وترك النزاع والاحتراب داخل المجتمع. وهو الرأي الراجح بالفعل.. وضمان الحقوق والمصالح المشروعة لفئات المجتمع: فإذا كان المجتمع يعيش نوعاً من التنوع والتعدد، في انتماءاته العرقية أو الدينية أو المذهبية، أو ما شاكل ذلك من التصنيفات، فيجب أن يشعر الجميع وخاصة الأقليات بضمان حقوقها..

والحمد لله أن الرئيس السيسي يعي تمامًا هذه الحقيقة، وبعيدًا عن التفسيرات الدينية للسلم الاجتماعي.. وما يدعو للتفاؤل حرص القيادة السياسية على ذلك، وتابعنا جميعًا تصريحات السيسي في منتدى شباب العالم الأخير في شرم الشيخ، وتأكيده على حرية العبادة للجميع، وأنه لو كان في مصر يهود بعدد كبير لقمنا ببناء دور عبادة لهم، وحرص الدولة في المجتمعات العمرانية الجديدة على بناء الكنيسة بجوار المسجد.. وأخيرًا خلال افتتاحه لمشروع أهالينا (1)، وبالتحديد يوم 15 ديسمبر الحالي، خلال افتتاح مشروع أهالينا (1) بمحافظة القاهرة، وفي لفتة غاية في الأهمية، تدل على وعي وحرص رئيس الدولة على تحقيق السلم الاجتماعي، عندما توجه بالسؤال للواء عماد الغزالي، قائد المنطقة المركزية العسكرية قائلا: الكنيسة فين يا عماد؟ ورد قائد المنطقة المركزية العسكرية على تساؤل الرئيس: "معملناش يافندم" ليرد الرئيس: ده تكليف وتوجيه.. الموضع ده ما يفوتناش تاني ده موضوع خلاص قلناه لو سمحتم نعمل علشان نحقق لكل واحد يعبد ربنا زي ماهو عايز.. كان نفسي تجيبوا فيلم تبينوا للناس إحنا فين.. والناس اللي بتبني بعيد عن التخطيط العمراني بتعمل إيه..

والخلاصة من كلامي الدولة اتجهت نحو الحراك الاجتماعي، وفيه علامات كثيرة ومبشرة تجعلنا نتفاءل لأول مرة، بأن الدولة للمرة الأولى تغير نظامها، سواء على مستوى الخطاب الديني أو اللهجة التي يتحدث بها الرئيس، بعيدًا عن تعبيرات الإخوة الأقباط، أو الإخوة المسيحيين والمسلمين وغير ذلك، واستبدال كل هذه التعبيرات بكلمة واحدة أعمق وأهم وهي: المصريون.. والله المستعان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: