اليوم يحق لنا في مصر أن نبتهج ونفرح، وأن نزداد إحساسًا وشعورًا بالأمن والأمان على أرضنا وحدودنا ومكتسباتنا القومية السامية، وعلى مستقبل أولادنا وأجيالنا الصاعدة، ونشعر بأن خلف ظهورنا قوة تحمي ولا تهدِّد، ونردد قول الشاعر الكبير عزيز أباظة:
كَانَ حُلمًا فخَاطِرًا فاحتِمَالاً .. ثمَّ أضحَى حقِيقةً لا خيَالَاً!
ومصدر هذه المشاعر الفياضة، هو قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، بافتتاح أول معرض للأسلحة تنظمه مصر في قاهرة المحروسة، وهي التي تمتلك واحدًا من أقوى الجيوش على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا، على أرض المعرض المصري الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية (إيدكس - 2018) ـ والذي تقرر أن يقام كل عامين ـ بمشاركة حوالي أربعمائة شركة عارضة تمثل أكثر من أربعين دولة من جميع أنحاء العالم.
وقد أقيم مؤتمر عالمي للإعلان عن بدء الإنتاج المصري للأسلحة المتطورة لحماية حدودنا وسمائنا، لأن مصر لا تعمل في الخفاء كخفافيش الظلام، ولقناعاتها التي لا تقبل التشكيك في قول الله عز وجل: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" (الأنفال 60).
ومن الطبيعي أن الإعداد هُنا بإرساء قواعد التطبيق السلمي، الذي يهدف إلى حماية الأرض والعِرض والكرامة والحرية لكل القلوب المخلصة على أرضنا، وليس إنتاج السلاح للإرهاب والقمع وترويع الآمنين على حريتهم وعقيدتهم أيًا كانت، بحسب قناعة كل فئة بتوجهاتها السياسية والعقائدية، طالما لا تمس سيادة الدولة وكيانها وأمنها وأمن البشر تحت ظلالها وفي كنفها، لاسيما وأن العلاقات المصرية ـ بالقيادة الوطنية ـ تتسم بالتوازن مع كافة الأطراف، ولا يوجد لها مشكلات مع أي دولة، فالعلاقات الطيبة والثقة المتبادلة والتعاون المثمر، هو عماد التوجه المصري في التعامل مع كافة الدول بكل الثقة والاحترام، فالمنطق الطبيعي الذي لا يقبل الجدل أو الشك ـ وبخاصة في حياتنا المعاصرة ـ ضرورة الإيمان بأن من يمتلك مفاتيح القوة اليوم.. قادر على إنشاد أهازيج السلام!
والمشاهد أو المراقب ـ بعين المحايد ـ للمسيرة التنموية المصرية في الوقت الراهن، لابد أن يعترف بالحجم الهائل للإنجازات العسكرية والاجتماعية والاقتصادية التي تحققت على أرض الواقع، التي لا ينكرها إلا جاحد أو مُغرض، فالغرض مرض كما تعلمون!
فعلى المحور "العسكري" باتت مصر من العشر الأوائل وسط جيوش العالم، وتشهد على ذلك العمليات التي تمت ـ وما زالت ـ لتصفية واقتلاع جذور الإرهاب الأسود في ربوع سيناء على الحدود الشرقية، وسط شعاب الجبال ذات الطبيعة الوعرة القاسية، وأيضًا عمليات التمشيط المستمرة التي قامت بها القوات المسلحة على الحدود الليبية بصحرائنا الغربية، يحميها ويعززها رجالات أشداء من الشرطة المصرية في الداخل على كل شبر من أرض الوطن، فبغير قوة تحمي وتصون المنجزات، لن تقوم لنا قائمة وسط خريطة العالم الحر المتقدم.
إن هذا المعرض العالمي، يأتي بالرد البليغ المُفحم الذي تقدمه مصر، على كل من تطاول ـ مناصرًا لجماعات الإرهاب ـ على قيادتها السياسية، والادعاءات الموجهة ضدها، ويكفي لهم أن يشهدوا بأم أعينهم الأجنحة السبعة الرئيسية بالمعرض للدول، وعلى رأسها (الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والإمارات).
إذن.. فلتخرس تلك الألسنة التي تعوي في فضاءات العبث والحقد على تلك المنجزات التي نحققها خطوة تلو الأخرى، على درب تحقيق الحماية لأوطننا ومقدساتنا، والرفاهية للمواطن المصري الذي دفع من دمائه ثمنًا وضريبة غالية لنيل الحرية.
إن منطق القوة العادلة، هو الذي يجب أن يسود ويحتل كل أفكار الحكَّام والنخبة والصفوة في المجتمع المصري والعربي على حدٍ سواء، فمصر هي القلب وهي العقل بحكم ما شهدت به سطور صفحات كتاب التاريخ، وليس بحكم انتماءاتنا لتراب هذا الوطن الرائد في كل المجالات، وحتى نهدئ من روع روح الشاعر نزار قباني.. الذي خاطب العرب في ذات قصيدة وذات انكسارٍ عابر:
لا تلعنوا السماءْ
إذا تخلّت عنكُمُ ..
لا تلعنوا الظروف
فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ
وليس حدّادًا لديكُمُ .. يصنعُ السيوفْ!
واليوم نقول له ـ بعد الانتصار وزوال الانكسار: لا تقلق على مصر والخريطة العربية، فقد أصبح لدينا ـ ومن بين أبنائنا وبسواعدنا ـ "الحداد" الذي يصنع السلاح، وإن كانت "السيوف" هي الرمز للقوة البتارة، فلدينا اليوم ـ وبالتعاون مع الدول المحبة للسلام ـ المدافع والبنادق والدبابات والغواصات والطائرات، وكل وسائل التكنولوجيا الحديثة، لنصد أية هجمات عنترية على مقدساتنا لننتصر، فالله يؤتي النصر من يشاء، مع القناعة بأنه لابد من الأخذ بالأسباب والدوافع.
واليوم فقط.. عرفت لماذا يؤدي الجنود التحية العسكرية في استقبال القادة الكبار والشخصيات رفيعة المستوى بعبارة: سلااااااام.. سلاح !