يبدو أن القائمين على دور الحضانة والأيتام والملاجئ لن يتعلموا الدرس أبدًا، فبرغم العقوبات القاسية التى تعرض لها عدد ممن تورطوا في ضرب الأطفال وتعذيبهم، ما زال هناك آخرون يرتكبون هذه الجريمة، ولا يأبهون للمحاذير والضوابط المشددة من وزارتي التربية والتعليم، والتضامن الاجتماعى لمنع هذه الجريمة، فلقد اجتاحت الإسكندرية، حالة من الغضب بعد نشر فيديو لتعذيب بعض الأطفال داخل حضانة فى منطقة فيكتوريا بشرق الإسكندرية، ويطالب الرأي العام بعقوبات أكثر ردعًا على كل من تسوّل لهم أنفسهم التنكيل بالأطفال.
والحقيقة أن التصدى لتجاوزات البعض ممن أوكلت إليهم مهام إنسانية وتربوية واجتماعية صار أمرًا ملحًا، فأغلب من يعتقدون أن الضرب وسيلة جيدة للتأديب ينظرون فقط إلى النتائج الآنية، ولكنهم لا يعلمون أن الضرب تربويًا لا يساعد على تشكيل سلوك دائم ومستمر عند الطفل، فكثرة استخدام الضرب يبطل مفعوله، خصوصاً إذا لم يستند إلى أسس على اعتبار أنه عقاب.
ومن هذا المنطلق يجب تعليم الطفل كيفية تجنب هذا الضرب، ومحاولة التخفيف من السلوكيات التى قد تعرضه للعقاب عن طريق الحوار والمناقشة معه، والأفضل هو مكافأته إذا استجاب للسلوكيات السليمة، فجميع الآثار الناتجة عن الضرب في النهاية سلبية وسيئة، ولا يوجد أي مبرر لاستخدامه، حتى ولو تحت "بند التأديب"، فهو بديل فاشل.
إن الطفل الذي يتعرض للضرب يقل إحساسه بالألم تدريجيًا، ويصبح الضرب البسيط غير مؤثر، مما يدفع القائمين على هذه المؤسسات نحو مزيد من الضرب، الذى قد يصل أحياناً إلى الضرب المبرح والتعذيب، فيزيد إحساس الطفل بالغضب الذي ربما يتحول إلى سلوك عدواني تجاه الأشياء، وذلك بتخريبها أو الأقران بإيذائهم أو تجاه نفسه، وتشكيل سلوكيات عدوانية؛ مما قد يؤدي إلى عدم إنجازه وتحصيله في المدرسة..
إن ظاهرة تعذيب الأطفال فى دور - المفترض أنها تربوية واجتماعية - تحتاج إلى وقفة حاسمة، والحل هو سن تشريعات قاطعة وتطبيقها على يثبت تورطهم في العنف ضد الأطفال.