Close ad
26-9-2018 | 18:51

بكلمات وعبارات محكمة الصياغة والوضوح والموضوعية، قدم الرئيس عبدالفتاح السيسي، رؤية مصرية ثاقبة ومكتملة الأركان، لاستعادة دور الأمم المتحدة ومصداقية النظام الدولي برمته، وعبرت الكلمة بجلاء من خلال المبادئ الثلاثة التي حددها الرئيس عن نموذج بالغ الرقي في كيف تتصرف الدول الرائدة والواعية التي تدرك قدر التزاماتها ومسئولياتها على الساحة الدولية؛ بما يعود بالفائدة والنفع على شعوب العالم، خاصة في المناطق المليئة بالصراعات والتوترات، مثل الشرق الأوسط وإفريقيا، وغير خفي أن سكان تلك المناطق يشعرون بأن العالم ومنظماته لا يشاركهم ولا يحس بمعاناتهم وأوجاعهم، مكتفيًا بالتعاطف وذرف الدموع.

إن النبرة القوية الواثقة التي تحدث بها الرئيس السيسي أمام قادة دول العالم لم تأت من فراغ؛ لأنها كانت معبرة عن صوت مصر القوي، تلك القوة المستمدة ليس فقط من ثقلها الحضاري والإنساني، الذي لا ينكره أحد على كوكب الأرض؛ وإنما من واقعها وحاضرها بما يحمله من إنجازات وإصلاحات جرت في وقت فارق وعصيب وزمن قياسي، وفي ظل أجواء وتحديات بالغة التعقيد والصعوبة بشهادة المتابعين لمجريات الأمور في بلادنا.

لقد عبرت كلمة الرئيس في جانب مهم منها عن أن الدولة المصرية شامخة ورأسها مرفوع في السماء، وتقف على أقدام ثابتة ولديها ثقة كبيرة لا تهتز في صواب توجهاتها ومساراتها الراهنة، وألقت الكلمة الضوء على تجربة مصرية يحتذي بها كل ساع للمحافظة على الدولة الوطنية التي تعرضت - ولا تزال - لسلسلة لا تتوقف من المؤامرات والمساعي الهادفة لإضعافها وتقويض قبضتها، حتى يمرح بين أطلالها المخربون والإرهابيون والانتهازيون، ويُقطعوا في أوصالها بلا رحمة ولا هوادة، مثلما نرى في ليبيا والعراق وسوريا واليمن.

فتجربة مصر في إنقاذ الدولة الوطنية من السقوط لابد أن تروى في المحافل الدولية، وأحسب أن العالم استوعب إلى حد كبير أن مصر كانت على صواب تمامًا في دعوتها وإلحاحها الدائم مبكرًا للانتباه إلى خطورة وتبعات ما يحاك ضد مفهوم الدولة الوطنية التي يعد الحفاظ عليها شرطًا أساسيًا، لكي يستقيم عود ومسار النظام الدولي، فالضربات كانت تتوالى من اتجاهات وجماعات إرهابية حتى تتفكك الدولة الوطنية وتتحلل، وبعدها تدب الفوضى والنزاعات، وتختفي الهوية الوطنية؛ ليحل محلها الهوية العرقية والطائفية بكل ما تجلبه من خراب ودمار.

وإلى جوار التجربة المصرية - في حماية الدولة الوطنية وثوابتها - توجد تجربة أخرى لا تقل عنها أهمية ودلالة؛ وهي الخاصة بتصديها الشجاع للإرهاب وأذنابه في سيناء وخارجها، والكشف عن اليد المحركة والمشجعة للإرهاب؛ متمثلة في جماعة الإخوان الإرهابية، تلك الجماعة المخادعة التي كانت تروج في الولايات المتحدة والغرب أنها مظلومة، ومقطوعة الصلة بالإرهاب، وانخدع بحديثها المعسول العديد من الدوائر الأمريكية والغربية المنخرطة والمؤثرة في عملية صنع القرار، وبسببها اتخذت قرارات وانتهجت سياسات خاطئة تجاه مصر.

والآن ظهرت الحقيقة الناصعة التي طالما تهرب منها الغربيون والأمريكيون، وفطنوا إلى سوء تقديرهم في عدم الاستماع لتحذيرات مصر في التوقيت المناسب، بعدما اكتووا بنار الإرهاب الذي استمد مرتكبوه عقيدتهم من أفكار وتعاليم الجماعة الإرهابية.

وأدرك الأمريكيون والغربيون قدر ما تحملته مصر من مشقة وتضحيات في مواجهتها العادلة ضد الإرهاب، ولم ولن تضعف في مواجهته، وعرفوا أن النموذج المصري جدير بالاحتذاء به، لإنقاذ بلدان كثيرة تعاني من ويلات الإرهاب والتطرف والانحراف عن صحيح الدين الإسلامي الحنيف الذي شُوهِت صُورَتُه؛ بسبب أفعال شرذمة من المتطرفين الباحثين عن متاع الحياة الدنيا، ويقدمون خدماتهم الشيطانية لمن يدفع لهم أكثر، فهم بلا مبادئ، ولا يعرفون سوى لغة المال وملذات التسلط والخداع.

ونبهت كلمة الرئيس السيسي إلى حتمية مداواة القصور الحاصل في تفاعل المجتمع الدولي مع قضايا حقوق الإنسان، ولمصر موقف معلوم من هذه القضايا والالتزام بمعاييرها، وحذرت مرارًا وتكرارًا الأسرة الدولية من عملية التلاعب التي يمارسها البعض تحت لافتة حقوق الإنسان، واستخدامها كأداة للتدخل في الشأن الداخلي، وفرض الوصاية على القرار الوطني، وإملاء الشروط الواجب تنفيذها في التو واللحظة.

وبدون مبالغة، فإن كلمة الرئيس السيسي في مجملها تجسد ما طرأ من تغيير وتحولات في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، هذه التغييرات زادت من قوة مصر وقدرتها على الوجود والتفاعل بالمحافل الدولية، وجعلت العالم ينصت إليها جيدًا عندما تتكلم.


رسائل السيسي للعالمرسائل السيسي للعالم
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: