السلوكيات الغذائية مهمة تمامًا مثل العلاجات الطبية لكثير من الأمراض، خاصة مرض السكر، وقد أطلقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية مؤخرًا قائمة لمرضى السكر تتضمن البقوليات والخضراوات ذات الأوراق والحمضيات والطماطم والأسماك والألياف والمكسرات والحليب الخالي من الدسم..
أيضًا لا تزال الدراسات الطبية تفيدنا بمزيد من النتائج الإيجابية للحرص على تناول وجبات الطعام المشتملة على الخضار والفواكه وزيت الزيتون والأسماك ومشتقات الألبان والحبوب الكاملة غير المقشرة والحد من الإفراط فى تناول الشحوم، والتى تُعرف بوجبات طعام سكان الدول المُطلة على البحر الأبيض المتوسط.
"لو كنت تبحث عن تغذية صحية للقلب، فعليك بنظام غذاء البحر الأبيض المتوسط"، إنها نصيحة ذهبية من الباحثين بمستشفى مايوكلينك الشهير بأمريكا، لاحتوائه على أطعمة صحية فى مكوناتها الأساسية، ويتم طهوها بطريقة صحية.
نتائج الدراسات الطبية التحليلية، التى شملت أكثر من مليون ونصف شخص، تقول إن الحرص على التغذية المتوسطية يُقلل من خطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بل ومن احتمالات الإصابة بأنواع متعددة من الأمراض السرطانية ومرض باركنسون ومرض ألزهايمر.
وبرغم ذلك فإن الطعام الصيني، مثل آلاف المنتجات التى جعلت حياتنا لونها صيني، يلقى حاليًا رواجًا وانتشارًا وتمددًا فى كثير من عواصم العالم، برغم الكوارث التى نراها ونسمعها عن الملح والبيض والأرز الصينى.
فما هذا السحر الذى يملكه المطبخ الصيني حتى يزحف على شهية الكثيرين حول العالم؟
فى بعض العصور عانت الصين من مجاعات وساءت حالة الحصاد ومرت بها سنوات عجاف، فاضطر الناس لاستكشاف كل ماهو جيد وممكن للأكل ليبقوا أحياءً، ومنها نجد أنهم يأكلون كل شيء حتى الحشرات، فاكتشفوا العديد من المكونات وأضافوها لطعامهم، فظهرت القشور النباتية والأطعمة الغريبة، والتى أضافت مذاقًا خاصًا للطعام الصيني.
ولهذه الأسباب الاقتصادية والتاريخية، ركز المطبخ الصيني التقليدي على الأرز والخضراوات والحبوب وزيوت الصويا، مع القليل من اللحم والسمك، ما جعله مميزًا عن غيره من المطابخ التى تعطى الأهمية لقطعة اللحم التى تتوسط أطباقها، مثل المطبخ الأمريكي.
فما يهم الصيني بالدرجة الأولى هو الخضراوات، وكمية اللحوم التى تطهوها ربة المنزل الصينية لستة أشخاص قد لاتتجاوز 150 جرامًا، ولو فعلتها أي زوجة مصرية، فلا تسأل عنها إلا فى أقسام الطوارئ بالمستشفيات، هذا إن عاشت!
ويتشابه الطعام الصينى كثيرًا مع نمط غذاء حوض البحر المتوسط؛ حيث يحتوى على الكثير من الخضراوات التى تشكل فيتامينات ومعادن للجسم، كما أن البهارات المستخدمة في الأكل الصيني أيضًا لها فوائد كثيرة كالزنجبيل والسمسم.
أمر آخر مهم يجعل المطبخ الصيني صحيًا، وهو طريقة تحضير الطعام المعتمدة على القلى السريع للخضراوات من دون سلقها، ما يعنى الحفاظ على الفيتامينات القابلة للانحلال فى الماء كالفيتامينات A وC، وإذا احتاج الطعام إلى عملية تبخير للماء أو تجفيف للخضراوات، فيتم ذلك على نار هادئة للحد من فقدان هذه المواد الفعالة.
وعلى عكس موائدنا، التى يوصف فيها اللحم بأنه "عماد الطعام"، يعتمد المطبخ الصيني التقليدي بشكل أساسي على الخضار والأرز والحبوب وزيت الصويا، مصحوبًا بالقليل من اللحم المخلوط بالبهارات أو من السمك.
من هنا اكتسب الطعام الصينى شهرته وفوائده الصحية، لاحتوائه على تركيز عالٍ من المواد المضادة للأكسدة، والتى ثبتت فائدتها فى مقاومة العديد من الأمراض والأورام؛ حيث إن بعض القرى الصينية لا تعرف الكثير من الأمراض المزمنة، ونسبة الإصابة بالسكر وهشاشة العظام فيها أقل بكثير من النسب المسجلة عالميًا.
ميزة أخرى فى طريقة تناول الطعام الصيني بالملاعق الخشبية؛ حيث تضطرك إلى تناول كميات أقل مقارنة بالملاعق، كما أنه يتيح لك تناول الطعام بشكل بطيء مما يسهم فى عملية هضم جيد.
ووفق ما يوصي به المركز الأمريكي للأبحاث السرطانية؛ فإن مفتاح الوقاية هو التنويع، فلكل من الفواكه والحبوب ميزة خاصة فى الوقاية من السرطانات.
لذا لم يكن غريبًا حاليًا أن يتم استيراد فكرة المطبخ الصيني ومزجها مع المطبخ الأمريكي عن طريق وضع شرائح الطماطم والبصل فوق قطعة الهمبرجر، إضافة إلى إدخال حبوب الفاصولياء فى الخلطة السرية للهمبرجر لدى المطاعم الأمريكية الشهيرة.
لكن نصيحة لك عزيزى القارئ، تجنب تمامًا نمط الغذاء الغربي ووجباته السريعة "القاتلة" ويمكنك الجمع بين الطعام الصيني والمطبخ الشرقي، إن أردت التغيير، وإلا فحافظ على طعامك التقليدي الذي ورثته عن أجدادك منذ آلاف السنين، فالفول والعدس والفاصوليا والبطاطس من بين الأطعمة التي تمنع الجلطات، ضمن قائمة تضم 20 نوعًا من الأغذية المفيدة للشرايين، وفق تقرير رائع نشرته قبل أيام مجلة "ريدرز دايجست" الأمريكية.