Close ad

مهمة تاريخية نحو الشمس!

15-8-2018 | 22:42

في مهمة تاريخية غير مسبوقة، تكتب وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" التاريخ، وتخطو أول خطوة في طريق الألف ميل، وتعمل على جعل المستحيل ممكنًا، بالوصول إلى الشمس ولمسها دون أن نحترق، وهى لاشك ثورة علمية في فهم هذا النجم العملاق..

يأتي ذلك مع إطلاق "ناسا" الأحد الماضي 12 أغسطس، أول مركبة فضائية تدعى "باركر" مصممة لعبور الغلاف الجوي الخارجي للشمس، والذي يُعرف بـ"هالة الشمس"، وتوصف المركبة بأنها "بطل مذهل للمجتمع العلمي، وأن مهمتها هي الأهم في إستراتيجية ناسا".

"ناسا" تمكنت - منذ نشأتها وحتى الآن - من تحقيق عدد كبير من أهدافها المتعلقة بالكون الخارجي، بما في ذلك تليسكوب الفضاء "هابل"، والمركبة الفضائية "فوياجر"، وبرنامج "أبولو"، إلا هدفًا واحدًا، وهو محاولة إلقاء نظرة فاحصة على الشمس، مصدر ضوء الأرض والحرارة، والتي ظلت لغزًا مُحيرًا منذ اكتشاف الإنسان قدرته على إرسال سفن إلى الفضاء الخارجي.

لذا ينصب تركيز "باركر" على هالة الشمس، والتي لا يمكن رؤيتها من الأرض إلا وقت الكسوف الكلي للشمس، لتحل ألغازًا أساسية وطويلة الأمد عن الشمس: ما سر هذه الهالة الحارقة التي تتجاوز مليون درجة مئوية؟ لماذا هي أشد حرارة من سطح الشمس بنحو 300 مرة؟ وما الذي يحرك الرياح الشمسية؟ وما أسباب العواصف الشمسية التي تشبه "نوبات السعال القوية".

وبمعنى أوضح، نتائج المهمة التي تتكلف 1.5 مليار دولار، ستساعد الباحثين للوصول إلى فهم أعمق للرياح الشمسية، وستسهم في تحسين توقعاتهم لأحداث الطقس في الفضاء، والتي قد تؤدى إلى الإضرار بالأقمار الصناعية، وإلحاق الأذى برواد الفضاء، وتشوش على الاتصالات اللاسلكية، وفى أحلك الظروف، تدمر شبكات الكهرباء.

ولأنهم يقدرون علماءهم أطلقوا على المركبة الفضائية اسم عالم أمريكي ما زال حيًا، وهو عالم الفيزياء الفلكية الشهير "يوجين باركر" "91 عامًا"، والذي كان أول من طور نظرية الرياح الشمسية عام 1958، وبدورنا نتمنى أن يأتي يوم ونطلق حتى على الميادين الجديدة الكبرى، حبذا لو كانت في العاصمة الإدارية، أسماء علمائنا من أمثال مصطفى مشرفة، وسميرة موسى، ويحيى المشد، ومجدي يعقوب، ومصطفى السيد.. وغيرهم الكثير، حتى تظل أسماؤهم محفورة في ذاكرة كل مصري.

هذه المركبة تحقق حلمًا يراود العلماء منذ 60 عامًا بإرسال مركبة يمكنها المرور عبر الحرارة الشديدة لهالة الشمس دون أن تحترق، مهمتها تستمر سبع سنوات حتى 2025، وستقترب في أقرب مسافة يمكن الوصول إليها حتى اليوم من الشمس، وهى 6 ملايين كيلومتر تقريبًا، وهى مسافة تعد قريبة جدًا من هذا النجم الملتهب الذي يبعد عن الأرض 150 مليون كيلومتر!

ولكن كيف يتم حماية هذه المركبة من الحرارة الهائلة التي تصل إلى 1400 درجة؟
السر في ذلك هو تحصينها بدرع حرارية من الكربون، والتي تجعل درجة الحرارة داخل المركبة لن تزيد على 29 درجة مئوية فقط!! وحين تقترب "باركر" من الشمس، ستكون سرعتها عالية جدًا "700 ألف كيلومتر في الساعة"، وهى سرعة تكفي للانتقال من نيويورك إلى طوكيو في دقيقة واحدة.

 ومع هذه السرعة البالغة، ستكون أسرع آلة أطلقها الإنسان إلى الفضاء، وستحلق المركبة، التي وصلت بالفعل إلى الفضاء، ونشرت ألواحها الشمسية، فوق كوكب الزهرة في أكتوبر المقبل، وستبدأ في نقل ملاحظاتها العلمية الأولى في ديسمبر 2018، وستقترب المركبة 24 مرة من الشمس خلال السنوات السبع المقبلة!

مركبة "باركر" ليست المحاولة الأولى لفهم الشمس، فوكالة ناسا لديها تاريخ مُمتد من المهمات المخصصة لفهم الشمس فقط. فقد أطلقت ثمانية مراصد مدارية لدراسة الشمس من مدار الأرض في الفترة بين 1962 و1971، وأربع مركبات فضائية، كانت آخرها المركبة "سوهو" التي أُطلقت في عام 1995، وكانت نتائجها العلمية مذهلة، برغم موقعها البعيد عن الشمس، فقد قاست سرعة الرياح من الشمس، واكتشفت أمواج الهالة الشمسية والأعاصير الشمسية، ووجدت أكثر من ألف مُذنب.

لكن كل هذه المراصد والمركبات كان يقابلها مشكلة الاقتراب أكثر من اللازم، فالاحتراق إما أن يكون تأثرًا بالحرارة، وإما بالإشعاع الشمسي؛ وهذا هو تحديدًا ما يميز مركبة "باركر"، بفضل الدرع الحرارية من الكربون التي تمكنها من الاقتراب كل هذه المسافة من هالة الشمس دون أن تحترق.

اللوحة المعدنية التي ألصقتها "ناسا" على المركبة وتهدي بها المهمة إلى العالم "باركر"، كتبت عليها اقتباسًا بليغًا له: "لنر ما ينتظرنا"..

ونحن بدورنا ننتظر ما سيرونه، لكننا بالتأكيد لن نتجاوز مرحلة "الانبهار اللحظي" بالحدث، ثم يطويه النسيان عمدًا، ونعود لمتابعة برامج اكتشاف "المواهب الغنائية"!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،