لا أحد ينكر حاجة المهرجانات السينمائية إلى إعادة تنظيم، فهناك خلل ما فى تنظيم مواعيدها، وهى بالفعل بحاجة إلى أجندة مواعيد ثابتة، ووضوح فى الأهداف..
لكن القرار المفاجىء فى صدوره، وليس بالطبع فى ما تضمنه من بنود، لأن جميع بنوده وهو ما لم يعلمه كثيرون تم طرحها من قبل ونوقشت فى حيز ضيق من قبل بعض المشاركين فى تشكيل سياسة المهرجانات السينمائية، وأظن أن بعضهم يعلم جيدا أن بنود تخفيض الدعم وتحديده ب40 فى المئة فقط، كان مقترحا من أحد المسئولين بلجنة المهرجانات، وطالب فى اجتماع تم على هامش الدورة السابقة لمهرجان الإسماعيلية السينمائى بفندق تيوليب بأن يحدد الدعم بنسب وأقترح أن تكون 50 فى المئة، وطرحت أفكار كثيرة جاءت أيضا فى القرار المعتمد من مجلس الوزراء ..
القرار الذى يراه البعض مفاجئا هو مبنى على رؤى ونتاج جلسات مطولة وخطط، وليس مجرد بنود طرحها مجلس الوزراء للتنكيل بالسينما، فمجلس الوزراء ليس ضد السينما، بل وضع قراره بناء على ملفات عرضت عليه لتنظيم المهرجانات، وكما قالت وزيرة الثقافة التى وجدت القرار أمامها فرصة جيدة لوضع حد لبعض التجاوزات التى لمستها هى بنفسها منذ أن تقلدت المنصب، وحضرت تقريبا كل المهرجانات التى أقيمت خلال العام الماضى وهذا العام أيضا ..
القرار به حلقات مفقودة وعلامات استفهام تحتاج إلى توضيحات.. فهو لم يحدد مصير اللجان الموجودة حاليا وهل تستمر فى مزاولة عملها كلجنة المهرجانات، أم إنه بعد هذا القرار لم يعد لها أية صلاحيات ..أذ أنه نص على تشكيل "اللجنة العليا الدائمة لتنظيم إقامة المهرجانات والاحتفالات"، برئاسة وزير الثقافة، وممثلين من بين أعضائها عن وزارات الخارجية والداخلية والمالية والسياحة والآثار والطيران المدني والشباب والرياضة والتنمية المحلية، يختارهم الوزير المختص .
أي أن هناك لجنة جديدة على مستوى أعلى من شأنها أن تمارس مهام تنظيم الأجندة والدعم وكل ما جاء بالقرار من بنود.
والبند الأكثر جدلا والذى أثار أزمة ما زالت قائمة بين السينمائيين كانت تحتاج إلى تفسيرات كثيرة فهى تنص على " تحديد الدعم المادي (مالي أو لوجيستي) المقدم من الدولة للمساهمة في إقامة المهرجانات والاحتفالات التي تقيمها الجهات غير الحكومية بشرط ألا تتجاوز قيمة الدعم نسبة 40% من موازنة المهرجان أو الاحتفال.
فالدعم اللوجيستى إن تم إحتسابه ضمن الدعم المقدم من الدولة وقدر ماديا لن يحصل أى مهرجان على جنيه واحد، لأنه أن منح قاعة ما أو قصر ثقافة، أو دار عرض، من دور الدولة، وتم تقييمها ضمن الدعم فلن يحصل المهرجان على 10 فى المئة .
أما الحلقة المفقودة فعلا فهى فى التوقيت، فإن القرار صدر فى يوليو الجارى، ومطلوب أن يتقدم منظمو المهرجان بأوراقهم فى يونيه الماضى حيث جاء البند"وألزمت المادة السادسة من القرار كل من يرغب بتنظيم أو إقامة حفلة أن يتقدم بطلب الترخيص لـ"اللجنة العليا الدائمة لتنظيم إقامة المهرجانات والاحتفالات"، باسم وزير الثقافة، خلال شهر يونيو من كل عام..وهنا تكمن الأزمة فى أنه لم يتم تشكيل اللجنة العليا بعد، وأنه يستوجب أن يقدم لها أوراقه فى يونيه.
هناك إشكالية لم ينتبه إليها فى القرار، وهو ما يستوجب من وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم أن تعيد النظر فى البنود التى صدرت وتجتمع برؤساء المهرجانات قبل تكوين اللجنة العليا التى سترأسها، حتى لا تحدث أزمة تتوقف بسببها معظم المهرجانات السينمائية، خاصة وأن معظمها يعمل ليل نهار لجمع الأفلام والتننسيق مع لجان تحكيمه وضيوفه ومكرميه.