تخشى ما تسمي نفسها واحة الأمن من إرهاب المسلمين المحيط بها، وفي نفس الوقت لا ترغب في استقرار سوريا، ولا تتوانى سرًا في دعم أطراف النزاع من الداخل، سواء بالسلاح أو بالمال أو بالدعم اللوجيستي، كما تقوم في الخفاء بمساعدة أكراد العراق سعيًا منها لتفكيك دولة العراق، وتمد أيضًا الجماعات المسلحة المتناحرة على أرضها بشتى الوسائل بما فيهم داعش، ويتم كل هذا من خلف الستار، وامتدادًا لسلسلة الغموض والتعتيم الممنهج في السياسة الإسرائيلية.
يأتي إقرار الكنيست منذ أيام على مشروع قانون، يحظر توثيق ممارسات جنود الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وفي حق الفلسطينيين، ويقضي القانون بالسجن لمدة عشر سنوات لكل من يوثق بالصورة أو بالفيديو أو بالتسجيل الصوتي.
وبالتالي يمكنها الادعاء أمام الجميع أن المحيطين بها يكرهونها، وأنها تعيش كالقطة الوديعة مع المتوحشين من الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين.
وهنا يتضح هدف القانون التستر على جرائم جيش المحتل إزاء أبناء الشعب الفلسطيني، ويعد أيضًا غطاءً قانونيًا لشرعنتها، وحماية لجنود العدو من الملاحقة القضائية الدولية، وتبرير المحتل لإصدار القانون، أن الصحفيين يؤثرون سلبًا في معنويات الجنود في أثناء مهامهم الأمنية لحماية الدولة، وفي أثناء تأدية واجبهم المقدس في تنفيذ مجازرهم، وفي ذات الوقت، يكون القانون بمثابة تشجيع لجنود الاحتلال على اقتراف المزيد من المذابح.
وعند متابعة الكواليس السرية لممارسات وسياسات الكيان الصهيوني التي ينفذها في الخفاء، تكتشف حقيقة العداء والكراهية الشديدة لدى جنود الاحتلال تجاه الفلسطينيين، بل والعرب كلهم، وأن مايراه العالم من أحداث دموية في غزة أو في الضفة، إنما هي أفعال تترجم مبادئ الصهيونية، ومنها أنهم شعب الله المختار، وأبناء الله وأحباؤه، وماعداهم خلقوا لخدمتهم كعبيد، وهذا قول مناحم بيجين في كتابه الثورة: "أيها الإسرائيليون لاتلينوا أبدًا عندما تقتلون أعداءكم، وينبغي ألا تأخذكم بهم رحمة، حتى ندمر مايسمى بالثقافة العربية، التي سنبني على أنقاضها حضارتنا، وفي جانب آخر قال: "الفلسطينيون مجرد صراصير يجب سحقها".
وقد يخرج الآن أمامنا من يقول، إن هذه أقوال ومفاهيم لأجيال قديمة، أما اليوم، فتغير الواقع تمامًا، ولكن الحقائق والوثائق تؤكد أن التراث الصهيوني مزدحم بالأحقاد والأكاذيب والدسائس، وأنه مازال يُقدم لأطفال وشباب إسرائيل في صورة مناهج تعليمية، بل إنها أصبحت عقيدة دولة.
ومن هذه الوثائق مانشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية في عام 2009، عن صدور كتاب فتاوى يهودية جديدة ألفه اثنان من حاخامات اليهود، وتدعو الفتاوى إلى قتل الغير بما فيهم الأطفال، ويتضمن الكتاب أفكارًا تحرض على ممارسة أعمال إجرامية وإرهابية ضد الفلسطينيين، وبرغم تعرض الحاخامين للهجوم والنقد الإقليمي والدولي، يصرحان بحقيقة فتاويهما التي تحض على كراهية الغير.
وفي عام 2016، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، عن تعيين حاخام جديد في الجيش الإسرائيلي، وسبق له وأفتى بإباحة اغتصاب غير اليهوديات، وزعم أنه لا يوجد مسجد أقصى، إنما القائم فعلا هيكل سليمان.
وتقول الدكتورة تسيبور شاروني، عن التوجه القومي للدولة الإسرائيلية، وأن مايقوم به الجنود من حرق وتدمير هو نتاج مدرستنا، ونتاج برامجنا التعليمية الرسمية وغير الرسمية، وتضيف، أن خبراء التعليم الإسرائيليين وضعوا أسس مناهج من مبادئ الصهيونية.
والأب الروحي للصهيونية، تيودور هيرتزل، كتب في يومياته، أن التربية أقوى سلاح لمواجهة العرب، والأول لتحقيق أهدافهم.
وبشكل معلن عبرت المحامية الإسرائيلية "فيليتسا لانغر" في أحد المؤتمرات عن حزنها الشديد، وهي تناشد الشباب الإسرائيلي بالكف عن انتهاكاتهم الدموية في حق الشعب الفلسطيني، وتقول للشباب، إنكم حصاد ما زرع فيكم من مشاعر تعصب وحقد واستعلاء.