لم يكن وجودي في مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا - خلال أول أيام شهر رمضان المبارك - المرة الأولى التي أقضي فيها عددًا من أيام الشهر الكريم خارج الحدود، فقد سبق لي أن قضيت العديد من ليالي رمضان في بعض الدول الإفريقية؛ منها مملكة سوزايلاند، ودولة ليسوتو، وجنوب إفريقيا، وبعض دول آسيا؛ ومنها الصين، وفيتنام، وكوريا.
وبرغم أننى لم أشعر بأي مظاهر للشهر الكريم في تلك الدول؛ حيث إنك تتواجد وسط مجتمع غير مسلم يحتضن أقلية إسلامية، وبالتالي فإن وتيرة الحياة اليومية داخل تلك المجتمعات لا تتأثر بقدوم شهر رمضان، باستثناء الأقليات الإسلامية التي تسعى لإحياء مظاهر الشهر الكريم.
وبرغم أنني زرت جنوب إفريقيا أكثر من 15 مرة؛ للحضور والمشاركة في العديد من الفعاليات الدولية والإقليمية؛ سواء مع الأمم المتحدة، أو الاتحاد الإفريقي، أو البرلمان الإفريقي؛ فإن زيارتي هذه المرة كانت مختلفة لعدة أسباب؛ منها حدوث انتخابات رئاسة البرلمان الإفريقي، والتي تجري كل ثلاث سنوات، وكان لمصر مرشح لها وهو النائب مصطفى الجندي، ولم يحالفه الحظ أمام مرشح الكاميرون روجر انكودو دانج، والذي يشغل منصب رئيس البرلمان الإفريقى منذ ثلاث سنوات، وأيضًا إجراء انتخابات هيئة مكتب البرلمان، ورؤساء اللجان المختلفة، بالإضافة إلى ذلك تكثيف استعدادات الفرق المشاركة في بطولة كأس العالم لكرة القدم، ومن بينها مصر، وسطوع نجومية محمد صلاح كأفضل لاعب في الدوري الإنجليزي؛ وبالتالي أصبح صلاح هو النجم العربى والإفريقي المفضل في أحاديث الدبلوماسيين والبرلمانيين الأفارقة على هامش اجتماعات البرلمان الإفريقي في مدينة ميدراند الصغيرة والتي تبعد نحو 50 كيلو مترًا عن جوهانسبرج.
وأعتقد أن اختلاف فصول السنة المناخية بين القاهرة وجنوب إفريقيا؛ حيث وجود فصل الشتاء الآن ووصول درجات الحرارة إلى 13 درجة نهارًا و 6 درجات ليلًا يساعد كثيرًا على الصيام، خاصة أن أذان الفجر في الخامسة والنصف والمغرب في الخامسة والنصف أيضًا إلا أن حفل الإفطار الذي أقامه السفير المصري لدى جنوب إفريقيا شريف عيسى للوفد المصري المشارك في اجتماعات البرلمان الإفريقي والذي ضم في عضويته الدكتور السيد فليفل رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، ومصطفى الجندي، واللواء حاتم باشات، واللواء صلاح عفيفي، والنائبة مي محمود، وحضور الدكتور أمين شعبان مستشار السفارة، وأيمن والاش المستشار الإعلامي بالسفارة نقل لي – وأعتقد لباقي أعضاء الوفد – الشعور الحقيقي بقدوم شهر رمضان في ظل وجود تجمع مصري تشعر معه بجو الأسرة الرمضاني المفتقد تمامًا في جنوب إفريقيا.
ومما زاد حفل الإفطار بهجة هي اللمسات الجمالية الرائعة لمائدة الإفطار، والتي غطتها مفارش رمضانية مميزة تحمل صورًا للنجم محمد صلاح، وأيضًا عدد من الفوانيس فوق المائدة أيضًا تحمل صور النجم صلاح، وبالتالي أحتل نجم ليفربول جانبًا كبيرًا من الحوار والأحاديث الجانبية والتي حاولنا معها جميعًا أن نؤكد شعورنا ببداية الشهر الكريم خارج الحدود في ظل اختفاء أي مظاهر لقدوم شهر رمضان برغم وجود جاليات عربية وإسلامية ليست قليلة في جنوب إفريقيا، ولكنها تتجمع أكثر في مدن كيب تاون وديربان، وهما أجمل مدن جنوب إفريقيا.
وخلال تنقلاتي بين الفندق ومقر البرلمان الإفريقي ومدينة بريتوريا الهادئة، وسط شبكة متميزة من الطرق، وبنية أساسية قوية لا تجد أي مسجد أو مآذن تلفت نظرك في تلك المدن، سوى مسجد كبير في مدينة ميدراند هو المسجد التركي الذي يجذب المسلمين من جوهانسبرج وبريتوريا والذي تحول إلى معلم من معالم المدينة الصغيرة؛ حيث تنجح أنواره في إشاعة البهجة وطرازه المعماري المتميز في جذب الأنظار إليه، وضخامته ودقة تنفيذه في تواجد الكثير من المسلمين داخله؛ سواء لأداء الصلوات، أو تناول الإفطار والسحور فى مطعمه المميز.
[email protected]