الخيال العلمي هو نوع من الفن الأدبي الذي يعتمد على الخيال، وأهم ما يميزه أنه يحاول أن يبقى متسقا مع النظريات العلمية والقوانين الطبيعية دون الاستعانة بقوى سحرية أو غير طبيعية، غالبا ما يكون الإطار الزمني لرواية الخيال العلمي في المستقبل القريب أو البعيد.
أما الإطار المكاني فقد يكون على سطح الأرض أو على أحد الكواكب السيارة أو في أي بقعة من الكون أو حتى في أماكن خيالية كالأبعاد المتوازية، ومن الممكن أن نجد قصص الخيال العلمي في الكتب والمجلات والأفلام والمسلسلات، كما يمكن أن نجدها في الأعمال الفنية مثل الرسم والنحت والألعاب المسرحية وغيرها من وسائل الإعلام المختلفة.
وتعود “جذور” قصص الخيال العلمي إلى علم الأساطير أو الميثولوجيا، ونجد، مثلا، بوادر ظهور الخيال العلمي في بعض حكايات ألف ليلة وليلة، ويعد الكاتب الفرنسي جول فيرن الأب المؤسس لقصة الخيال العلمي، وقد كتب أول أعماله "خمسة أسابيع في منطاد" عام(1863)، ثم أتبعها بروايته "رحلة إلى جوف الأرض" وبعدها كتب رائعته "من الأرض إلى القمر" التي تخيل فيها رحلة إلى القمر. ولكن هذا الخيال من الرواية تحقق بعد قرن وبالتحديد في 20 يوليو 1969 حيث هبط أول إنسان على القمر.
وحديثا صدرت ثلاث روايات رائعة من أدب الخيال العلمي، أما الأولي فهي رواية "رقصة القمر مع اينشتاين" للكاتب الصحفي جوشرا فوير، حيث يحكي هذا الكتاب قصة جوشوا فوير، الصحفي الذي ذهب لتغطية بطولة العالم للذاكرة، وانتهى به الأمر أن أصبح مهووسا بأسرارها ليستمر في التدرب على تقنيات الذاكرة لعام كامل، ويخوض رحلة غريبة ومثيرة للاهتمام، حتى يعود للبطولة، ولكن كمتنافس فيها وليس كصحفي.
وبرأي جوشوا: إن كانت الذاكرة هي طريقتنا في الاحتفاظ بما نعتقد أنه مهم وقيّم، فإنها أيضا ترتبط بشكل مؤلم بزوالنا. عندما نموت، تموت ذكرياتنا معنا. وحفظنا لأفكارنا في الكتب وفي الذاكرات الخارجية هي طريقة أخري لصد الفناء. يسمح هذا النظام للأفكار بالانتقال عبر الزمن والفضاء، وللفكرة الواحدة بالصعود على أخرى حتى تصل إلى عقل آخر وتستمر الأفكار في النمو والتكاثر.
الرواية الثانية، بعنوان "البدايات"، وتتناول موضوع أصل الكون وأصل النجوم والكواكب بطريقة عرض شيقة.
فلطالما فُتن البشر بأصل الأشياء؛ وهذا راجع إلى أسباب عديدة، منها المنطقي ومنها العاطفي. فقد نعجز تقريبا عن فهم جوهر أي شيء ما لم نعرف من أين جاء. ومن كل القصص التي نسمعها تجد تلك التي تسرد لنا أصولنا أعمق صدى في أنفسنا.
في هذا الكتاب، يقدم المؤلفان، نيل ديجراس تايسون ودونالد جولدسميث، للقارئ مزيجا جديدا من المعارف، لا يمكنه من تناول موضوع أصل الكون وحسب، بل وأصل أكبر الأجسام التي كونتها المادة، وأصل النجوم التي تضيء الكون، وأصل الكواكب التي توفر الأماكن الأكثر ترجيحا لظهور الحياة، إضافة إلى أصل الحياة نفسها على واحد أو أكثر من هذه الكواكب.
الرواية الثالثة، هي "موعد مع راما "، وسوف تبقى هذه الرواية إحدى روائع الخيال العلمي في كل الأزمنة وهي واحدة من أفضل الروايات التي كتبها أرثر كلارك. حازت هذه الرواية على العديد من الجوائز الأدبية الشهيرة ومن أبرزها: جائزة كامبيل، وجائزة هوجو، وجائزة جوبيتار، وجائزة نبيولا.
تحكي هذه الرواية عن ظهور جسم دائري غامض ضخم في الفضاء يتجه نحو الشمس، ويرسل سكان النظام الشمسي مركبة فضائية لمعرفة كنة هذا الجسم الغريب المُبهم، والذي أطلق عليه اسم "راما"، وينجح رواد الفضاء الذين أوكلت إليهم مهمة استكشاف طبيعة "راما " في التوصل إلى معرفة الكثير من الأسرار والتي دلت لغرابتها على حضارة غاية في التقدم.
ولكن يبقي السؤال: من هؤلاء القوم الذين صنعوا "راما"، وأين يقيمون.
والسؤال الأهم، هو: أين نحن من أدب الخيال العلمي؟
لم نعرف أدب الخيال العلمي إلا في الستينيات؛ حينما نشر مصطفى محمود روايته «العنكبوت» ثم روايته «رجل تحت الصفر» وظهرت في السبعينيات محاولات أخرى لنهاد شريف في «قاهر الزمن» وهي رواية تتحدث عن فكرة السُبات عند الإنسان بتجميد جسده لسنوات ثم إحيائه، وقد تحولت إلى فيلم سينمائي من إخراج كمال الشيخ.
وتخيل الكاتب نهاد شريف في قصصه الرائعة أن بوادر الانقراض بدأت تهدد الإنسان الآلي إذ بدأت العاطفة بالتحكم فيه. ويتحدث عن كائنات المريخ العاقلة التي تحذر البشر من خطر تكديس السلاح النووي، ومن تمكن العلماء العرب من الوصول إلى كوكب المشترى؛ حيث يقع الرواد في أسر كائنات هلامية، كما يرصد في تلك المجموعة عالم المستقبل الحافل بالمفاجآت العلمية.
وقد استطاع المبدع الراحل أحمد خالد توفيق أن يرسخ لأدب الخيال العلمي بثقافة نادرة مع "ما وراء الطبيعة " وغيرها، ويكفيه أثرًا أنه جعل الشباب يقرأون..
ورصيدنا من الأطباء الذين أبدعوا في مجال الأدب لم ينفد بعد، فلدينا محمد المخزنجي الطبيب النفسي، والدكتور خليل فاضل أستاذ الطب النفسي، والذي أفاض في تحليل الشخصية المصرية في "زمن البوح"، واعتبره بحق "جبرتي النفسية المصرية" ولديه قصص وروايات عديدة، نتمنى عليه أن يبحر بنا يومًا في أدب الخيال العلمي.