إذا كنت قد عزمت على تصحيح مسارك فى الحياة، وبدأت خطوات جدية على الطريق المستقيم، فعليك أن تفوض أمرك إلى الله، وتذكر دائما قوله تعالى: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ، فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا" (غافر 44 – 45).
وهذا دليل واضح على أن التوكل الصادق على الله، وتفويض الأمور إليه سبب للوقاية من كل سوء، وهذا التفويض مطلوب فى كل أمور الدين والدنيا؛ وقد جاء فى آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: "وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (المائدة 23).
وتفويض الأمر إلى الله في تربية الأولاد يجب أن يقترن به القيام بالأسباب المشروعة، كما جاء فى حديث أَنَس بْن مَالِكٍ؛ حيث قال: "قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ: اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ"، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب عليه إيمان به، وتنقسم أعمال العبد إلى ثلاثة أقسام هي:
ـ الطاعات التي أمر الله عباده بها، وجعلها سببا للنجاة من النار ودخول الجنة، وهذا لابد من فعله مع التوكل على الله فيه، والاستعانة به عليه.
ـ تربية الأولاد يجب أن يجتمع فيها التوكل على الله، مع مباشرة أسباب ووسائل التربية الصحيحة، لقوله عز وجل: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (التحريم 6).
ـ أن يأمر الإنسان أهله لقوله "صلى الله عليه وسلم": "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته".
إن المؤمن لا ييأس من رحمة الله وفرجه مهما ضاقت عليه السبل وتقطعت به الأسباب، قال تعالى: "وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ" (الحجر:56)، وقال سبحانه: "وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" (يوسف:87)، فكيف ييأس من يعبد ربا كريما رحيما قديرا، واسع العطاء، يغضب على من لم يسأله، بيده خزائن كل شيء؟، ثم كيف يقنط المؤمن وهو يعلم أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن الله لا يقضي قضاء إلا كان خيراً له؟.
ففى الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبت من قضاء الله للمؤمن، إن أمر المؤمن كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له"، وإذا علم المؤمن ذلك، فوّض أمره إلى الله وأسلم نفسه إليه، فوثق به واعتمد عليه، وأخذ بالأسباب المشروعة في جلب الخير ودفع الضر، فصار متوكلا على الله ، فإذا نزلت به حاجة أنزلها بالله سبحانه وفوض أمره إليه بصدق وتضرع وإخلاص فيرى من خفي لطفه ما لا يخطر على البال، قال تعالى: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ" (الطلاق:3).
فهيا بنا نواصل خطواتنا على المسار الصحيح، انطلاقا من شهر رمضان الكريم.