إذا كنت قد اتخذت قرارًا بتصحيح مسارك في الحياة انطلاقًا من شهر رمضان بعد الحلقات التسع الماضية، فهيا سارع إلى تقديم ما يتيسر لك من الجود والعطاء مع بداية الثلث الثاني من الشهر الكريم، ولتتخذ الرسول "صلى الله عليه وسلم" قدوة ومثلا.
فلقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": "ياعائشة استتري من النار ولو بشق تمرة، فإنها تسدّ من الجائع مسدها من الشبعان"، وقال أيضًا: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر"، وممّا ورد في فضل الجود قوله تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة261).
ويجب ألا يقتصر الجود على شهر رمضان، وإنما يمتد بعده طوال العام بالجود على المحتاجين من الفقراء وفق قاعدة "الأقربون أولى بالمعروف"، ثم من هم أشدّ حاجة، والتكفّل بعلاج المرضى البسطاء، وتعليم الطلبة غير القادرين، وتزويج اليتيمات.
وليتذكر المرء دائما قول الله عز وجل: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فمن أبرز عوائق الجود والإنفاق، وسوسة الشيطان التي أشار إليها الحق تبارك وتعالى في قوله: {الشيطان يعدكم الفقر}، حين ينسى المسلم بسببها وعد الله تعالى: {والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم}، كما يقول عز وجل: {وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه}، ويقول الرسول "صلى الله عليه وسلم": "ما نقص مال من صدقة".. إن المسار الصحيح في الحياة، ينطلق من الإقرار بنعم الله التي لا تحصى، ثم مساعدة المرضى والفقراء، فلا تنس فضله سبحانه وتعالى عليك.