لكي تصحح مسارك في الحياة، فإنك تحتاج إلى محفزات، وهي تتوافر في رمضان بنجاح؛ فالكون كله يتغير فيه، حيث تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، ويغير الله الأجور ويضاعفها لعباده، ويعد تنظيم أوقات الصيام محفزًا لمن يريد أن يبدأ تصحيح مساره في الحياة، بمعنى أن تلزم نفسك في كل عمل تؤديه بوقت تبدأ فيه، ووقت تنهيه.
إن الصائم يضع لنفسه هدفًا في الليل بأن يصوم اليوم التالي، ويمسك عن الأكل والشرب وسائر المفطِّرات، ولغو الحديث وسيِّئ العمل، ثم يجاهد نفسه على ترك القبيح، وفعل كل جميل إلى أن يحين وقت المغرب، وحين يفطر يسعد بإحدى الفرحتين بإتمام عمله وثبوت الأجر بإذن الله، وتبقى الفرحة الأخرى يوم يلقى ربه، ويتكرر ذلك على مدار الشهر كله.
ويحتاج التغيير وتصحيح المسار إلى تكرار، حيث يقول علماء النفس: إن الإنسان يحتاج إلى ما يتراوح بين 6 و21 يومًا لكي يتعود على سلوك جديد، فما بالنا والعادات الجديدة في رمضان نكررها من 29 إلى 30 يومًا، فلتجعل عاداتك الجيدة التي تريد أن تسير عليها ضمن برنامجك اليومي في رمضان، ومنها (القراءة - أذكار الصباح والمساء - نوافل الصلوات - الاستغفار - قراءة القرآن الكريم - زيارة الأقارب)، وإذا كانت العادات سلوكيات تعلمناها ومارسناها وصارت جزءًا منا، فعلينا أن نكرر العادات الحسنة.
والدعاء يعين على التغيير وتصحيح المسار، فادع الله تعالى أن يعينك على ذلك، واستغل شهر الدعاء، فلقد ختم الله آيات الصوم في سورة البقرة بقوله: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ...".
وأتذكر قول الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي: "رمضان ما هو إلا فترة راحة وهدوء يعبُر المؤمن من خلالها إلى مراقي الصعود في درجات الإيمان، فمن استفاد من هذه الفترة في إصلاح حاله وتجديد إيمانه ومراجعة نفسه فقد وجد للتغيير طريقًا).
إن التغيير الإيجابي ينطلق من معادلة بسيطة تقول:
انظر في واقعك وقيِّمه، ثم ضع خطة واضحة للتغيير وحاسب نفسك دائمًا، ومن المهم أن تعرف مواضع الخلل الكبرى في حياتك: أين هي، وفي أي الجوانب أنت مقصر لتجتهد في تعديلها، ثم اجعل لنفسك ساعات للمحاسبة والمناقشة، واتخذ شعارًا يعبر عن حقيقة التغيير الذى تريده، واذكر فيه الجوانب التي تريد الحفاظ عليها، وابدأ تنفيذ خطة تصحيح المسار في شهر رمضان الكريم.