فى شهر رمضان تكون الفرصة مهيأة للإصلاح بين المتخاصمين، وإعادة الوفاق بينهم، فالخلاف بين الناس أمر متوقع لاختلاف قدراتهم وثقافاتهم وأهوائهم، وأول خطوة لذلك هى حسن الظن لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ " (الحجرات12).
إن الإصلاح بين الناس عمل فاضل، وثوابه عند الله عظيم، وهو خيرَ ما يتناجى فيه المتناجون، حيث يقول تعالى: "لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" [النساء:114].
وكم من مشكلات بين الناس خاصة في هذا الزمن الذي كثر فيه التخاصم والتشاجر والاختلاف، نتيجة ضعف الإيمان، ومن ثم صار على كل واحد أن يسارع بنفسه لحل النزاعات بين المتخاصمين، وليستشعر عظيم الأجر في ذلك لأنها إذا تركت بلا حلول فقد تتفاقم وتزداد تعقيدا.
وعلى المصلح أن يتصف بروح المبادرة، والحرص على نشر الخير من تلقاء نفسه، وعدم انتظار دعوة للتوسط بين المتخاصمين، وليكن قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحين علم بخصومة بين أهالي قباء قال: (اذهبوا بنا نصلح بينهم) رواه البخارى.
وعليه أيضا أن يتحلى بالحلم وسعة البال والصبر والتأني وعدم العجلة، وليعلم أن مهمته مرهقة، ولذلك يجب أن يوطن نفسه على التحمّل وسعة الصدر ولين الجانب، ومقابلة الإساءة بالإحسان، وأن يكون لطيفاً مع الناس، وأن يحرص على استعمال الأسلوب الحسن والحكمة والبصيرة.. إنها خطوات ضرورية لتصحيح مسار المتخاصمين، فهيا بنا نتصالح فيما بيننا فى هذا الشهر الكريم.