مشكلة لعبة "الحوت الأزرق" أنها عرض لمرض خطير انتشر وتفشى سريعا فى المجتمعات المعاصرة.. وهو العزلة الاجتماعية داخل منازلنا وداخل الأسرة نفسها؛ لأسباب عديدة منها:
وسائل العزل الاجتماعى أقصد وسائل التواصل الاجتماعى؛ لأنه ببساطة وسائل التواصل الاجتماعى -كما كانت تسمى - اصبحت اليوم فى كثير من الأحيان وسائل عزل اجتماعى داخل الأسرة الواحدة، حيث ينشغل كل فرد فى الأسرة بالموبيل والفيس وخلافه!!
وأصبح المعتاد داخل المنزل الواحد - بل الحجرة الواحدة - أن نجد كل شخص مشغولا بالموبايل فى حاله الخاص فكريا، وينعزل عن من حوله؛ سواء أب أو ابن أو زوجة أو زوج، وكل فرد منهم له عالمه الخاص!!
وأحيانا تكون العزلة لظروف اقتصادية لعمل الأب والأم لساعات طويلة؛ بحثا عن الرزق ولمواجهة ظروف الحياة، بل قد يضطر الأب للسفر خارج البلاد، وأحيانا تكون العزلة بسبب تفكك أسرى وانشغال الأب والأم عن الأبناء!!
أيان كانت الأسباب؛ ولكن المرض الحقيقى هو فى انعزال الأبناء بسبب غياب أو انشغال الأب أو الأم أو كلاهما عن الأبناء!!
ولله در القائل منا: "لاعب ولدك سبعا، وأدبه سبعا، وصاحبه سبعا، ثم اجعل حبله على غاربه" وهذا يؤكد أهمية معاملة الأبناء كأصدقاء والمتابعة المستمرة، وإذا طبقنا ذلك لن يعيش الأبناء فى عزلة، وهذا أيضا ما يؤكده المثل الشعبى الذى يقول (إن كبر ابنك خاويه)؛ أى اعتبره أخا وصديقا لك!!
وللعلم معظم ضحايا لعبة "الحوت الأزرق" فى هذه المرحلة العمرية، وبالطبع هذا الكلام ليس مسئولية الأب وحده؛ بل والأم أيضا والعم أو الخال أو الخالة أو إذا كان هناك إخوة كبار؛ المهم ألا نترك أولادنا فى هذه المرحلة الحساسة وحدهم اعتمادا على أنهم عقلاء أو يقيمون الصلاة؛ لذلك من المهم أن يشعر المراهق فى هذه المرحلة بصداقة حقيقية من الأب أو الأم أو ممن يحيط به؛ فالصداقة الحقة هى مفتاح الوقاية؛ لأن "الحوت الأزرق" كما ذكرت آنفا عرض وليس مرضا!!
وهناك أعراض أخرى قد تحدث نتيجة للعزلة الاجتماعية منها على سبيل المثال؛ التطرف والتحول إلى الإرهاب أو العنف؛ لأن كثيرا من أعضاء الجماعات المتطرفة كانوا يعانون العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة؛ بل إن قيادات هذه الجماعات يركزون على اصطياد هولاء الفئة من الشباب؛ لأنهم سهل الانقياد والسمع والطاعة، أو قد ينتج عن العزلة إدمان للمخدرات!!
وبجانب دور الأسرة؛ من المهم حث الأبناء على ممارسة الرياضة والألعاب الجماعية، ومراقبة أصدقاء الأبناء، ومحاولة العمل على توفير وتقريب الأصدقاء الأوفياء، خاصة إذا كانوا من العيلة أو الجيران!!
وعلى الأجهزة الرسمية للدولة مراقبة هذه المواقع والتصدى لها، وعلى وسائل الإعلام المختلفة التوعية والتنبيه على الأسرة والشباب بخطورة هذه الألعاب وكيفية الوقاية منها!!
وعلى وزارة التربية والتعليم إعداد موضوعات عن هذه الظاهرة فى المقررات الدراسية بمختلف المراحل من الابتدائية للثانوية؛ لتوعية الطلاب بخطورة هذه الألعاب، وسبل المواجهة!!
كما أن للجامعات ومراكز الشباب دورهم فى عقد الندوات واللقاءات مع الخبراء؛ لتوعية الشباب بهذه الظاهرة؛ من هنا رب ضارة نافعة، وتكون هذه القضية جرس تنبيه مبكر لكل أب وأم وأسرة؛ لحماية أبنائهم من العزلة وتداعياتها!!