Close ad

الانتخابات اللبنانية.. الارتدادات والتداعيات الإقليمية

4-4-2018 | 13:36

يشهد لبنان في السادس من مايو الحالي انتخابات نيابية، وكانت آخر انتخابات قد جرت في العام 2009م وعلى الأرجح فإنه لن يتغير الكثير من المشهد اللبناني الحالي حتى مع تغير القانون الانتخابي من قانون الستين (الأكثري) إلى النسبي الذي أصبح يقسم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية لاختيار 128 عضوًا في مجلس النواب، بالإضافة إلى السماح للبنانيين المغتربين بالمشاركة في العملية الانتخابية للمرة الأولى.

ويزيد هذا القانون من فرص وحظوظ تواجد المرأة في البرلمان الذي ظل خجولاً منذ 1953م، فقد كان يعول على الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية أن تكون رافعة لقيم فكرية وتنظيمية للتغيير، ولكن غلبت عليها الطائفية والعشائرية والمذهبية، وخلو هذه الانتخابات من البرامج الانتخابية قد يكرس هذا القانون الطائفية على حساب المواطنة، في حين أن الدستور اللبناني الذي أقر في مؤتمر الطائف 1989م الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، والذي ينص على المواطنة عبر إلغاء الطائفية السياسية.

قد يكون من الصعب في الوقت الحالي محاولة إعادة وصياغة تحالف 14 آذار، كما كان عليه الحال في انتخابات 2009م من قبل "دول الاعتدال"؛ حيث إن هذا القانون قد يلغي الانقسام السياسي القائم بين فريقي 8 و14 آذار.

هذه الانتخابات ستحدد أحجام القوى السياسية في البرلمان، ومدى نفوذ الدول الإقليمية على الساحة اللبنانية، فقد يكون الخاسر الوحيد في هذه الانتخابات هو سعد الحريري "زعيم تيار المستقبل" الذي يتبعه 34 نائبًا والتي تعتبر من الكتل النيابية الكبرى؛ وبالتالي يكون الرابح حزب الله وحلفاؤه، بعد إقرار القانون النسبي لصالحه.

لقد كانت جميع الأحزاب اللبنانية تعول على المشهد الإقليمي بعد "الربيع العربي" للظفر بمكاسب ترجح كفة طرف على الآخر وخصوصًا بعد الثورة السورية؛ سواء في المشهد الانتخابي أو تحجيم نفوذ ذراع إيران في لبنان "حزب الله ".

حزب الله "ذراع إيران في لبنان" المسيطر على مفاصل الدولة، وعلى القرار السياسي، والذى يملك قرار السلم والحرب في لبنان، والمنتشي بعد الانتصارات في سوريا، ومعركة "جرود عرسال" و"القلمون" ضد "داعش" في لبنان، والممسك بالثلث المعطل في الحكومة الذي منحهم إياه اتفاق الدوحة عام 2008م؛ إذ يستطيع إقالة أي حكومة متى يشاء، ولايغيب عن الذهن عند إقالة سعد الحريري رئيس الوزراء آنذاك، الذي كان متواجدًا في البيت الأبيض مجتمعًا بالسيد أوباما 2011م، وعندما أجبر حزب الله الجميع على اختيار مرشحه الرئاسي "كرئيس للجمهورية ميشيل عون"، بعد فراغ رئاسي استمر لمدة عامين ونصف (2014-2016)، حتى ومع "إعلان بعبدا" الموقع بين الأحزاب للبنانية عام 2012م، والذي يحيِّد لبنان عن صراع المحاور الإقليمية والدولية، ويحجم سلاح حزب الله، فقد تنصل حزب الله من كافة الاتفاقيات، وأصبح عنصرًا فاعلاً في الأزمة السورية بتدخله العسكري عام 2013م.

ومن المعروف أن الاستقرار السياسي والأمني في لبنان يرتبط بقرار سياسي إقليمي ودولي، فمنذ منذ استقلال لبنان عام 1943م، وقعت كثير من الأحداث الإقليمية في المنطقة، وكانت لها ارتدادات على الساحة للبنانية؛ كالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي عام 1982، والحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، والوصايا السورية على لبنان والصراع الشيعي - السني منذ الثورة الإيرانية 1979م إلى يومنا الحالي، وتفجير السفارة الأمريكية بلبنان 1983م بإيعاز ودعم من إيران لحزب الله.

وقد يكون لـ"ثورة الأرز" التي اندلعت بعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005م وخروج القوات السورية بعد ضغوط المجتمع الدولي، واتفاق الطائف من أهم العوامل التى أثرت على الساحة اللبنانية، وأدت إلى إضعاف قرارها السياسي، الذي أصبح مرتبطًا بدول إقليمية ودولية.

من الواضح أن إيران وذراعها الممتدة في لبنان "حزب الله" تتابع عن كثب التطورات على الساحة الإقليمية والدولية وخصوصًا التغيرات في البيت الأبيض بتعيين وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) ومستشار الأمن القومي الجديد (جون بولتون)، اللذين يعتبران من صقور البيت الأبيض، وتلويح السيد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، مع احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران، وإبقاء العقوبات الاقتصادية مع تصاعد الموجات الاحتجاجية في إيران، وتلويح ترامب بدعم المعارضة الإيرانية والمناوشات الحدودية بين حزب الله وإسرائيل في الوقت الحالي، بعد القرار الأممي 1701 الذي نص على إنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006م، كلها عوامل قد توثر على حليف إيران في لبنان مستقبلاً، بالإضافة إلى أن لبنان يضم أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، ومع عزم أمريكا نقل سفاراتها للقدس ومع استمرار الثورة السورية (وقد تجاوز عدد السوريين بلبنان المليون شخص)، كلها عوامل وأسباب تجعل من لبنان ساحة لصراع دول وقوى إقليمية ودولية على أراضيها بالوكالة؛ علمًا بإن لبنان من الدول الهشة طبقًا للتقرير السنوي الصادر عن صندوق السلام.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
دور روسيا المرتقب في الشرق الأوسط

يبدو أن هناك تشابهًا كبيرًا سيلوح في الأفق في الانتخابات الروسية القادمة والتي سوف يتم إجراؤها في 18 مارس الحالي بينها وبين الانتخابات العربية التي عادة ما تكون محسومة قبل إجرائها.

الائتلاف الكبير ومستقبل ميركل السياسي

ألمانيا التي يعتبر اقتصادها الأقوى في أوروبا، وخلال الأربعة الأشهر الماضية، من مفاوضات لتشكيل الحكومة، لا يزال مستقبل ميركل السياسي على المحك، بعدما كانت

المشهد التركي.. بين الثابت والمتغير

هل يتغير المشهد التركي الذي كان ثابتًا طوال السنوات العشرين الماضية، والذي ظل فيه السيد أروغان رئيسًا للوزراء وللجمهورية؟ وذلك بعد الانتخابات الرئاسية

تركيا.. وحزب ميرال أكشينار الجديد

هل تحرك وزيرة الداخلية التركية السابقة "ميرال أكشينار" النائبة المقالة عن حزب الحركة القومية الحليف الحالي للحزب الحاكم والمشاركة في تأسيس أعمال حزب العدالة والتنمية، المياه السياسية في تركيا

الانتخابات الألمانية.. وتحديات الفترة الرابعة لميركل

قد تحتاج أوروبا في الفترة المقبلة إلى حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني؛ بالإضافة إلى حالة من السلم الاجتماعي بعد موجة الإرهاب التي ضربت أهم

حزب المحافظين البريطاني والرهان الخاسر

لم تكن "تيريزا ماي" رئيسة وزراء بريطانيا بأفضل حال من سلفها "ديفيد كاميرون" الذي راهن على البقاء في الاتحاد الأوروبي، وذلك عندما قام بعمل استفتاء عام بتاريخ

قمة العزم.. وتغيير الشرق الأوسط

مما يحسب للمملكة العربية السعودية - وفي عهد ملكها (سلمان بن عبدالعزيز) - أن تكون هي أول دولة يزورها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وتكون سابقة تاريخية

انتخابات فرنسا.. الفرنك ضد اليورو من ينتصر؟

بعد اعتماد أحد عشر مرشحًا من قبل المجلس الدستوري لخوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية فقد تأهل للمرحلة الثانية - بعد فرز نتائج الدورة الأولى - كل من (ماكرون

سوريا.. جرح الإنسانية النازف

سوريا (الأزمة- الثورة) .. كلنا شركاء في هذا النزيف اليومي أو ما يحدث على أرض الشام، فقد تكالبت عليها قوى الشر من الشرق والغرب لتنهش في جسدها الطاهر، دون

ربيع تركيا في مواجهة شتاء أوروبا

تركيا التي أقرت التعددية السياسية عام 1945، وكان إجراء أول انتخابات برلمانية عام 1950 خير شاهد، ومنذ ذلك التاريخ وتركيا تشهد إصلاحات ديمقراطية منذ عهد

الإعلام الغربي في مواجهة الشعبوية الصاعدة

يبدو أن المعركة التي يخوضها الإعلام الغربي في الآونة الأخيرة مع أحزاب اليمين المتطرف (الشعبوية) التي اعتلت موخرًا سدة الحكم لن تكون بالأمر الهين كما سبق.

أمريكا وإيران المواجهة المؤجلة

ليست الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية التي أطلقتها إيران مؤخراً، أو شراء مقاتلات روسية من طراز سوخوي تعد الانتهاك الوحيد لقرارات مجلس الأمن