للقوى الناعمة لمصر في رأيي المتواضع أهمية قصوى في حرب مصر ضد قوى الشر والإرهاب ودور أساسي في تثبيت أركان الدولة المصرية واستعادتها لهيبتها والقوى الناعمة لمصر هي السلاح الأقوى لمواجهة جميع أشكال التطرف والإرهاب الذي يستمد فكره من التطرف ومن زرعوا التطرف والتدين الزائف.
والدولة المصرية الآن تخوض معركة عسكرية شاملة تحت عنوان "العملية العسكرية الشاملة 2018" للقضاء على البؤر الإرهابية وتطهير شمال سيناء منهم تمهيدا لإطلاق معركة التنمية في سيناء، وإن شاء الله مصر ستنتصر وتدحر الإرهاب الأسود من جذوره ثم بعد ذلك تأتي معركة الفكر بالفكر.
وللمصريين في الخارج الآن دور كبير وهام في تجفيف منابع الإرهاب وقطع الطريق عليه .. خاصة في الخارج، والولايات المتحدة الأمريكية من أهم المواقع التي كانت تستغلها جماعات الفكر السلفي والرجعي والإخواني في تجنيد الشباب المهاجر طالبا للعلم أو عن فرص عمل أفضل وأحسن في أرض الأحلام وكانت تستغل نقطة ضعفهم وهي تعليم أطفالهم اللغة العربية والدين الإسلامي في مراكز يطلقون عليها أسماء إسلامية، وفي حقيقة الأمر كلها مراكز لتجميع وتجنيد وتنشئة متطرفين، نعم تربوا في أمريكا وفي الغرب ولكنهم عبارة عن "ذئاب منفردة" تتحرك لقتل الأبرياء سواء في دار الكفر أو في دار الإسلام.
المهم علينا أن ننتبه للخدعة القديمة التي استمرت لعشرات السنين، واستغلها الإخوان في تنشئة أجيال من المتطرفين من أبناء الجيل الثاني والثالث من أبناء المصريين في الخارج؛ بفكر وتمويل وهابي كان أو إخواني وكلاهما واحد.. انتبهوا أيها السادة.. كانت هذه محور مناقشات لي مع أصدقاء من خيرة المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية خبراء في مجالات عدة؛ سواء في القانون أو الاستشارات الهندسية والتجارية، ورجال الأعمال الناجحين في ربوع الولايات المتحدة الأمريكية، حبهم لوطنهم مصر جمعهم بعيدًا عن تيارات أو أهواء سياسية، جمعهم حبهم لمصر ورغبتهم القوية في تنميتها ونهضتها؛ سواء في التعليم أو الصحة أو الصناعة والزراعة، وهو من حسنات العصر الحالي والقيادة السياسية الواعية لأهمية علمائنا في الخارج، وضرورة الاستفادة من خبراتهم وعلمهم في نهضة مصر.
مع الأخذ في الاعتبار أن عشرات منهم لا يحبون السياسة، ولايحبون الظهور في الإعلام، وليس معنى ذلك أنهم معارضون للدولة المصرية؛ بالعكس هم يريدون لمصر الاستقرار والنهضة في كل المجالات، مثلهم مثلي ومثلك، ولكن ليس بالضرورة أن نكون من المهللاتية أو الهتيفة في كل مناسبة، وبدون مناسبة أحيانا، وقد سعدت جدًا خلال زيارتي السريعة لنيويورك بلقاء ثلة من هؤلاء المحترمين؛ مثل الصديق العزيز طارق سليمان، والمثقف الهادئ علاء مهداوي، والشاب النابه الـ"أكتيف" نشأت زنفل، والدكتور علاء الدين فراج، والديبلوماسي البارع السفير هشام النقيب، ونائبه الديلوماسي الجنتل مان إيهاب ناجي من خيرة شباب الدبلوماسية المصرية، وأسعدتني مظاهر التصويت الراقية في الانتخابات الرئاسية، وطابور المصريين أمام القنصلية المصرية في نيويورك في مظهر حضاري راق يضيف للقوة الناعمة لمصر؛ برغم أنه على بعد آلاف الأميال من العاصمة القاهرة..
والله المستعان..