Close ad

هز كيان التعليم!

15-3-2018 | 00:28

كان الغرض تكريم الطلاب المتفوقين؛ وكانت الرؤية عمل حفل لإبهار الطلاب؛ ومضمونه شمل حضور الراقصات لتسري عن الصغار؛ وتدخل البهجة في قلوبهم؛ بعد عام دراسي مجهد وطويل؛ أدى الطلاب فيه ما عليهم؛ ولما تفوقوا؛ قررت إدارة المدرسة تكريمهم بهذه الطريقة!

هذا ما حدث في مدرستين غير حكوميتين؛ ولم استوعب كغيري كثير من المشغولين بقضية التعليم؛ كيف تقرر مدرسة عمل حفل فني؛ تحييه راقصات؛ لجيل لا يعي ولا يفهم ما يفعلونه؛ جيل ننميه و ننشئه على قيم غريبة؛ ويشاهد تكريمه في صورة مستفزة!

لا أعرف أين كان أولياء الأمور الممثلون في مجلس آباء هذه المدارس؟ وكيف ارتضوا بهذه الواقعة؟

وإلحاقًا بما سبق؛ نذكر بحفلة مشابهة بإحدى المدارس الحكومية؛ وما أعقبه من تحقيق ومساءلة من وزارة التربية والتعليم؛ التي سارعت باتخاذ الإجراءات الرادعة حيال المسئولين عن تنظيم الحفل؛ وهذا ينقلنا إلى دورها في متابعة العملية التعليمية في كل أرجاء الجمهورية؛ سواء كانت المدارس خاصة أو حكومية.

بعد صحوة المصاريف الدراسية التي نظمتها الوزارة من خلال دفعها في البنوك؛ هل هكذا أحكمت قبضتها على كل مناحي العملية التعليمية؟

أنوه لبعض المشكلات التي قد لا تجد صدى أو متابعة نظرًا لقلة أهميتها في نظر بعض المتابعين؛ أولها؛ كثير من المدارس تفتقد تمامًا وجود مساحة مناسبة "حوش" يمارس فيه الطلاب أنشطتهم الرياضية؛ وذلك بسبب التوسع في بناء الفصول لتستوعب أكبر عدد من التلاميذ؛ أضف إلى ذلك عدم وجود المسرح المدرسي؛ وما يمثله من قيمة تنمي الذوق الفني؛ من مهارات موسيقية وتمثيلية؛ ولو كان هذا النشاط المسرحي متوافرًا؛ كانت حفلات التكريم ستأخذ منحى آخر مختلفًا تماما عما شاهدناه!

كثير من المدارس لا تولي طابور الصباح الأهمية اللائقة به؛ ومن ثم لا ينمو عديد من أبنائنا على استيعاب قيم الانتماء للوطن ولا لتحية العلم؛ الذي يمثل الرمز الأهم لمصر؛ بل لا أبالغ إن قلت إن هناك مدارس لا تحيي العلم المصري على الإطلاق!! لأنها مدارس دولية؛ انتماؤها لدولتها وليس لمصر؛ وتحت زعم التميز الذي ساق أولياء الأمور المصريين لدخول أبنائهم هذه المدارس؛ لا يجد هذا الأمر أي اهتمام منهم؛ بل لا تجد العناية بتدريس اللغة العربية سبيلا لنفوسهم! ما دامت اللغة الأجنبية تجد الرعاية الفائقة!

منذ يومين حكى لي صديق عن مأساة شاهدها صباحًا على الطريق الدائري؛ حينما رأى سيارة أحد المدارس تسير بسرعة جنونية؛ والسائق لا يولي الصغار المسئول عن أمنهم وسلامتهم أدنى درجات الاهتمام، ويقول حاولت جاهدًا اللحاق بالسائق؛ لمحاولة تحذيره ولم أنجح؛ هنا على من نلقي اللوم؟! إدارة المدرسة المسئولة عن السائق؟ أم على وزارة التربية والتعليم التي أكدت تعليمات صارمة بخصوص سائقي سيارات المدارس؛ وكان من بينها إجراء التحاليل الدورية للكشف عن المدمنين منهم!

هل يوجد متابعة جيدة لنسب الحضور بالمدارس؛ وكتابة تقارير يومية أو أسبوعية عنها؛ ومحاسبة المخالفين؟

هل.. وهل.. أسئلة كثيرة قد تدور في أذهان الكثير من الناس؛ تتعلق بانتظام العملية التعليمية؛ والاطمئنان على الأبناء؛ وكيفية تلقيهم المضمون التعليمي والتعاطي معه بشكل سليم.

قد يقول أحدنا إن التعليم يعاني مشكلات لا حصر لها؛ هل ما طرحته قد يكون حلًا جيدًا؛ أقول إن التسليم بالواقع وعدم السعي للتغيير للأفضل سمة الخاملين الذين ينتظرون نجاحاً بغير جهد ولا مشقة.

الحفلات الراقصة التي أقيمت في بعض المدارس؛ وأشعلت غضب الناس؛ كانت جرس إنذار دوى صوته عاليًا؛ هز الكيان التعليمي والأسري في آن واحد؛ فأحلام الآباء تدور في توفير الحصول على قدر جيد من التعليم؛ وسط ظروف محترمة ومناخ تربوي جيد.

وما يحدث في مدارسنا يثير الحفائظ بدرجة واضحة؛ ولابد من اجتثاث من يلوث المنظومة التعليمية غير عابئ بقيمها ولا أصولها؛ كفانا استهانة بجيل يضع أحلامه وآماله أمانة بين أعناقنا؛ علينا تقديم العون له؛ من خلال غرس بذور القدوة الحسنة؛ تعتني بهم وتقدم لهم كل السبل الجيدة.

وأخيرًا متى يأتي أوان الردع والحساب؛ حتى يخشى المستهترون، ويلتزموا بأداء عملهم على الوجه المطلوب.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.