Close ad

ورشة أمل في البحرين

11-3-2018 | 00:14

كانت زيارة وفد "الأهرام" للمنامة والالتقاء بملك البحرين الملك حمد بن عيسي آل خليفة، ورئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، امتدادًا طبيعيًا لعلاقات راسخة بين البلدين تعود إلي مئات السنين، تخللتها مواقف مشتركة تستطيع شعوب البلدين الفخر بها، واختارت "الأهرام" المنامة لإطلاق الدورة الثقافية لمهرجان الأهرام الثقافي الذي يقام تحت شعار "معًا ننتصر علي الإرهاب" برعاية عاهل البحرين.

يروي الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد في كتابه "ورشة الأمل.. سيرة شخصية لمدينة المحرق" ما جرى سنة 1956 في مدينة المحرق والتي ظلت عاصمة للبحرين (بين عامي 1810 و1923م) قبل العاصمة الحالية "المنامة"، فقد أطلق أهلها اسم "بورسعيد" علي مدينتهم، خلال العدوان الثلاثي على مصر.. وكانت المدينتان بورسعيد والمحرق يقاومان عدوًا واحدًا هو الاستعمار البريطاني، ويعشقان قائدًا واحدًا هو جمال عبدالناصر ويحلمان حلمًا واحدًا هو الحرية.

ويذكر حداد أن أهالي المدينة كانوا يتصرفون لفرط حماسهم لعبدالناصر كما لو أنهم جزء من مدينة بورسعيد المصرية إخلاصًا لهذا الاسم الذي طاب لهم المباهاة به.. امتنع البحرينيون عن تفريغ السفن في الميناء أو تموينها ونظموا تظاهرات حاشدة اتخذت أحيانًا طابع العنف تضامنًا مع الشعب المصري..

الشيء نفسه تكرر بعد هزيمة 67، وفي رد الفعل الحزين على وفاة عبدالناصر، ثم في انتصار أكتوبر 73 وكأنها إحدى المدن المصرية. هكذا عبرت المدن البحرينية عن سكن خطاب عبدالناصر العربي القومي ورسوخ مصر ومحبتها في ضمير أبنائها، وكان عبدالناصر قد وجه سنة 1962 بإنشاء كورس خاص في كلية الآداب جامعة عين شمس لدراسة الخليج، ولتأكيد عروبة الخليج.. والمستهدف كانت البحرين التي استقلت سنة 1971م واعترفت بها القاهرة فورًا..

حضارة البلدين عميقة في التاريخ منذ القدم، فالحضارة المصرية ذات السبعة آلاف سنة والتي يصل بها هيرودت إلي أحد عشر ألفا من السنين، والحضارة البحرينية التي تعود إلي خمسة أو ستة آلاف سنة.. وحدثني متخصصون عن متحف البحرين الوطني الذي يضم مجموعة مميزة من الصور والتحف لحضارة دلمون، وعن وجود مقتنيات تغطي ستة آلاف سنة من تاريخ البحرين، وطبقا للمتخصصين في تاريخ العرب، فإن أقاليم خمسة لبلاد العرب ازدهرت في التاريخ القديم: عمان، نجد، الحجاز، اليمن، وأقليم البحرين الممتد من شط العرب حتى حدود مضيق هرمز والمنطقة الشرقية (الإحساء والدمام) وقاعدة الإقليم هي البحرين..

أما الوثيقة الأهم في تاريخ البحرين، كما حدثني أستاذ التاريخ في كلية البنات جامعة عين شمس الدكتور خلف الميري، فهي تعود إلي زمن الرسول عليه الصلاة والسلام لجلب الخراج من حاكم إقليم البحرين.. وتفيد الوثيقة بأن عاصمة الحكم في انتظار خراج البحرين (الزراعي) فلم تكن البحرين بهذا الجفاف الحالي، مع تغير المناخ في العالم، والذي أتحفنا الأيام الماضية بحرارة قاهرية شرسة في غير أوانها، حيث حدثت تغيرات مناخية عميقة في شبه الجزيرة..

تتشابه الهزات في مصر والبحرين تحت حكم دول ودويلات عدة، وقد خضعت البحرين لفارس من 1622 م إلي 1683م، وأعادت النغمة حكومة مصدق عام 1951م. ثم شاه إيران عام1961\ 1962م. فقطع عبدالناصر العلاقات مع طهران.. كما خضعت مصر للحكم العثماني من سنة 1514م إلي سنة 1882م.. وتسعى فارس للترويج بأنها تمتلك البحرين، بينما جذور التكوينات لأهل البحرين عربية وليست فارسية.. هي نفس الأصول العربية للمصريين المعاصرين..
لقد استعادت أسرة آل خليفة البحرين من نفوذ الفرس عام 1783

والأسرة قدمت من نجد في الأصل، وهم أبناء عمومة مع حكام الكويت والسعودية ويسمون "العتوب" أي الذين هاجروا أو عتبوا..

وفيما يصل محمد علي باشا بجيشه إلي ضفاف الخليج وينتظر، فإنه يرسل خورشيد بك كمبعوث لشيخ البحرين ليقول له: ماذا تطلب من مصر لتأمين نفوذك وسلطانك.. ووقع البلدان اتفاقية موجهة في الأصل ضد الإنجليز وحلفائهم وترسخ التعاون بين قوة مصر البرية وقوة البحرين البحرية..

وفي أوائل القرن العشرين كان الخليج علي موعد مع حافظ وهبة باشا (مستشار الملك عبد العزيز آل سعود ما بين عامي 1920 و1921) والذي أدخل التعليم الحديث إلي الكويت والبحرين، فيما أرسلت الحكومة المصرية (وزارة المعارف العمومية) كراسات ومقررات المدارس.. وكانت نفقة التعليم في البحرين علي حساب الحكومة المصرية.

وقبل أعوام قالت الكاتبة والإعلامية البحرينية سوسن الشاعر لجمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب (وكانت البحرين ضيف شرف المعرض) فى لقاء مفتوح تحت عنوان «مصر والبحرين وما بينهما» إن مصر روت الشعب البحريني علمًا وثقافة، وأن الرئيس الراحل عبدالناصر مُعلم الوطنية، وأن الأديبين إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي كانا يرسمان أحلامنا، والفن المصرى يدخل كل بيت فى البحرين، فكنا نضحك مع عبدالفتاح القصري، ونحزن مع فاتن حمامة، ونجلس بجوار الراديو نستمع للسيدة أم كلثوم، فهناك حبل سُرى يربط بين البحرين ومصر، ونحن نحب المصريين أكثر من المصريين أنفسهم..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: