فى تقرير المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وما رصده التقرير الأول له من تجاوزات مسلسلات شهر رمضان الماضى، قال إنه رصد العديد من التجاوزات التي احتوتها مسلسلات رمضان منها، وإن هناك أعمالًا درامية أساءت لبعض المهن مثل ما حدث في مسلسل "كلبش"، حيث وصف بطل العمل المحامين بأنه يتم تأجيرهم بـ"تلاتة صاغ"، كما أساء لصورة ضابط الشرطة المسئول عن الكمين الذي يسمح بعبور سيارة لشاب وشابة في حالة سكر وعربدة ويستوقف سيارة عجوزين مريضين ويتهمهما بالانحلال.
بينما فى مسلسل "أرض جو"، أهانت البطلة مهنة المضيفات الجوية ووصفتهن بأنهن بـ"يشقطوا رجالة"، ومسلسل "عفاريت عدلي علام" أساء لرجال الأعمال حيث صور استيلاء رجال الأعمال على أراضي الدولة بمساعدة ضباط كبار، وفساد بعض الصحفيين ونواب البرلمان الذين يستغلون الموظفين الصغار لكتابة كتبهم ومقالاتهم مقابل مبالغ زهيدة.
ولا شك أن هذا التقرير يوضح كيف ينظر الجميع إلى الدراما أو البرامج، فهل مطلوب من الدراما أن تصور المحامين والمضيفات ورجال الأعمال والضباط والصحفيين والنواب فى صورة مثالية؟ وهل أصحاب كل المهن ملائكة؟ ومن أين يأتي الشياطين إذن؟ وكيف يستقيم العمل الدرامي إذا كان كل أبطاله من الملائكة؟
إن من يشاهد الأفلام الأمريكية، يجد أن هناك أفلامًا تصور رئيس الجمهورية الأمريكي خائنًا لبلده، أو حاكم ولاية مرتشيًا، دون أن يتهم أحد مثل هذه الدراما بأنها تهين رئيس أمريكا أو حكامها، أو تعرض أمنها القومي للخطر.
ونفس ما يحدث في الدراما، يحدث في البرامج أيضًا، وهو ما فجرته قضية الزميل خيري رمضان، والشكوى المقدمة ضده من قبل وزارة الداخلية، وهو أحد الإعلاميين الذين وقفوا ضد الإخوان، ولم يكن له موقف معادٍ يومًا ضد الدولة.
وقد أحسن مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فيما قاله من أن خيري رمضان لم يكن يقصد الإساءة لوزارة الداخلية في الأمور التي عرضها بشأن ضباط الشرطة، وأكد أن المجلس الأعلى للإعلام كان ينبغي أن يكون له قول الفصل في هذا الموضوع أو على الأقل يستشار في هذه القضية، مضيفًا: "إن مصر دولة مؤسسات، فلماذا لا يحول خيري رمضان إلى المجلس الأعلى للصحافة".
ولا شك أن الإعلاميين في مصر ليسوا فوق المحاسبة والعقاب، فالإعلام مثل أي مهنة، الخطأ وارد فيها، وبالتالي التحقيق والحساب، ولأن الدستور ينص على أنه لا حبس في قضايا النشر، ألم يكن من الأفضل أن تحيل وزارة الداخلية هذه القضية للمجلس الأعلى للإعلام، وهو قادر على معاقبة المخطئ، وهل يصدر كل يوم قرارات بمنع مذيعين عن الظهور على شاشات الفضائيات، وإيقاف برامجهم فترات تبدأ من أسبوعين، بالإضافة الى الغرامات المالية، مع التحذير بمضاعفة العقوبة في حالة تكرار الخطأ، وإحالة المخالفين إلى نقابة الإعلاميين للتحقيق معهم لمن يخرج عن المعايير المهنية والموضوعية للإعلام.