أعلنت د.هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري خطة تطوير مبنى ماسبيرو خلال اجتماع لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، وقالت نسعى لإعادة هيكلته خلال 3 سنوات، مشيرة إلى إن مديونية ماسبيرو لبنك الاستثمار القومي التابع لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بلغت نحو 32 مليار جنيه.
ومسلسل هيكلة ماسبيرو مطروح منذ مدة طويلة، ولكنه من المشروعات التي تطرح ولا تنفذ، وإذا كانت الحكومة عازمة حقًا على هيكلة المبنى، فيجب أن توضح ماذا تقصد بالكلية تحديدًا؟
ولابد أن نوضح للقارئ أن ديون ماسبيرو التى تجاوزت 32 مليار جنيه هي في الأصل ملياران من الجنهيات، اقترضها المبنى للمشاركة في مشروع مدينة الإنتاج، على اعتبار أنها ستحقق أرباحًا ضخمة يستطيع من خلاله سداد الدين وفوائده، وهو ما لم يتحقق، وظل الدين وفوائده يتضخم عبر السنوات، حتى أصبح مطلوبًا سداد 32 مليار جنيه بدلا من مليارين، وهي في النهاية سياسة اقتصادية فاشلة من المسئولين عن هذا المبنى.
أما عن المبنى ذاته، فإنه يضم 23 قناة تليفزيونية و32 محطة إذاعية، وهو عدد ضخم جدًا لا تستطيع أي حكومة في العالم أن تتحمل تكلفته، ولاشك أن كثرة المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية تؤدي في النهاية إلى التشابه في المضمون والشكل في كثير من البرامج، كما أن كثيرًا من القنوات والمحطات فقدت شخصيتها، وبذلك تشابه الكل، حتى أصبح لدينا محطات متشابهة وبرامج متشابهة، وأصبح ماسبيرو أشبه بديناصور ضخم، في طريقه إلى الاندثار كما اندثرت؛ لأن عصرها انتهى، وهذا كله سياسة إعلامية فاشلة من المسئولين عن المبنى.
وإذا كان جميع المسئولين يؤكدون أن الهيكلة لا تعني الاستغناء عن العاملين، فهذا أقل حقوقهم، فلا ذنب لهم فيما اتخذت قيادات ماسبيرو من سياسات اقتصادية أو إعلامية فاشلة.
وإذا كانت الحكومة جادة في هيكلة ماسبيرو لوقف نزيف الخسائر اليومية لهذا المبنى؛ فيجب أولا دراسة دمج الكثير من الشبكات الإذاعية أو القنوات التليفزيونية المتشابهة والتي تحقق نفس الهدف.
وإذا كانت هناك ضرورة للإعلام الرسمي للدولة فيكفي جدًا بضع قنوات وشبكات إذاعية، على أن يتم دمج الباقي، أو مشاركة القطاع الخاص فيه، بحيث يخفف العبء عن الحكومة في النفقات.
كذلك الحال في القطاعات المتشابهة، فلدينا ثلاث جهات إنتاجية للدراما هي: قطاع الإنتاج التابع لماسبيرو وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي، وللأسف فإن حصيلتهم جميعًا صفر، فبعد أن كانت الدراما الجيدة لا تنتج إلا من خلال هذه الجهات تحديدًا، تركت ساحة إنتاج الدراما نهائيًا للقطاع الخاص، وأصبحت في حكم المتفرج.
واذا كانت وزيرة الاستثمار ترى أن خطة الهيكلة تتضمن تطوير الموارد البشرية بإعادة تدوير العاملين بماسبيرو وتقديم برامج تدريبية لهم بهدف رفع قدراتهم وتعزيز كفاءاتهم، فأبناء ماسبيرو كفاءات ممتازة، فكل القنوات الخاصة قامت على أكتافهم، ولكن إذا كنتم تريدون التطوير حقًا، فيجب أولا أن يتم إدارة هذا المبنى بعقلية اقتصادية جديدة متفتحة بعيدًا عن الروتين، والشللية، كما يجب أن تتحلى برامج ماسبيرو بشيء من الاستقلالية، ويتم رفع سقف الحرية قليلا فيما تتناوله من موضوعات، ولا تكون برامجها مسبحة بحمد الحكومات دائمًا منذ انشاء التليفزيون عام 1960 وحتى الآن.
واذا تم الالتزام بهذين الأمرين، فسيعود ماسبيرو لسالف عهده، وإنا لمنتظرون، لنرى ماذا تقصد الحكومة بهيكلة ماسبيرو.