2-2-2018 | 00:13
حينما شدَت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم بأغنيتها الخالدة (للصبر حدود!)؛ لم ندرك أن هذا "الصبر" ليس مقصورًا على دنيا الأحباب والمحبين؛ ولكنه ينسحب على كل المشاعر الطيبة تجاه الحُب النقي بكل أشكاله وألوانه؛ وأهمها حُب الانتماء للوطن وترابه المقدس؛ والغيرة المحمودة على مقدراته ومنجزاته وتاريخه، وأن لكل متطاول على هذه المقدسات حدودًا؛ وتُقرع أجراس الخطر عند تجاوز الخطوط الحمراء من أي كائنٍ كان، مهما كانت قوته وجبروته وعداوته، ولا مجال أو مكان للدلال أو العشم في التجاوز لهذه الخطوط الحمراء.
وجاء الدرس قاطعًا وقاسيًا على المتطاولين والمتربصين؛ وفي الزمان والمكان الذي يخسأ عين الحاقدين الذين يموتون في جلودهم عند بدء الانطلاق لمشروعاتنا القومية العملاقة، وكان رد الرئيس السيسي على هؤلاء الخونة والأشرار؛ لحظة إعطاء إشارة البدء في افتتاح حقل (ظهر) للغاز الطبيعي في المدينة الباسلة بورسعيد، وكأنه يرد الصاع صاعين، ويوجه الصفعة تلو الصفعة على أقفية الغافلين والمزايدين على منجزات القيادة السياسية الوطنية.
وبكل جمال اللغة البسيطة ولهجة "ابن البلد" العارف بأصول مخاطبة الوجدان الشعبي؛ قال الرئيس محذرًا ورافعًا شعار "للصبر حدود" للخونة: "مَن يريد اللعب في أمن مصر لازم يخلص مِنِّي أنا الأول، أنا أروح بس الـ١٠٠ مليون يعيشوا، أنا بقول الكلام ده عشان لا مؤاخذة بشوف اليومين دول كلام غريب قوي، مش هقول غير احذروا، والكلام اللى حصل من ٧ سنوات لن يتكرر، إنتم مش عارفيني ولا إيه، لأ، والله أمن مصر واستقرارها ثمنه حياتي أنا وحياة الجيش، وأنا مش سياسي بتاع كلام، إحنا مش بنبني البلد بالكلام"!
وهنا نقف طويلًا أمام هذه الكلمات القاطعة كالسهم الموجه إلى قلوب وأفئدة العملاء والخونة، لنتذكر المثل العربي القديم الذي يقول: "اتقِ شر الحليم إذا غضب"! فالرجل ـ كما عهدناه ـ دمث الأخلاق أطيبها؛ وعنوانه الأخلاق الحميدة التي تنسحب على شخصيته في العموم، ونعرف أن الأخلاق والصفات الحميدة ـ قد ـ تغطي على الكثير مما يمُور تحت سطح الشخصية حين الغضب؛ أو المساس بمعتقداته؛ وبخاصة أبناء العسكرية المصرية المشهود لها على طول التاريخ الذي يسطر الصفحات عن جديتها وصرامتها؛ منذ جيش "مينا" و"أحمس" و"رمسيس"، ونكرر هذا في كل مجال؛ حتى يعلم الجاهلون من نحن؛ وما الجينات الوطنية التي نحملها بين ضلوعنا وقلوبنا.
وتأملوا روعة هذه الكلمات؛ وما تحمله في طياتها من قدرة الحليم إذا غضب؛ ليصبح كالإعصار الهادر الذي يكتسح في طريقه كل السدود والموانع التي تعترض مساره وطريقه، مهما كانت القوى التي تضع هذه العراقيل، يقول الرئيس ـ وتأملوا جيدًا هذه العبارة ـ: "ما تخلوش حد يأخذكم للضياع"! أي أنه يقوم بالتحذير من الخلايا النائمة، وهؤلاء الذين يضعون السم في معسول القول، وقلوبهم لا تحمل سوى الضغينة والمكائد لهذا الوطن، وتابع القائد كلماته: "قولنا هنعمل أكاديمية تعلِّم الناس يعني إيه دولة، وما حدش يتصدى لشأن عام وهو مش متعلم كويس..."، "... بالمناسبة بقالي 50 سنة باتعلم يعني إيه دولة، قسمًا بالله بقالي 50 سنة باتعلم وباعلم نفسي، حاجة صعبة أوي، الناس ما بتفكرش وعاوزة تتصدر وتتكلم...".
إذن.. فالرئيس يضع النقاط فوق الحروف؛ ويرسم الخطوط العريضة لمسيرة الشعب العامل؛ ليجني ثمار عرقه وكفاحه طوال التاريخ؛ ليعيد إليه الحقوق التي تُعد من أبسط حقوقه الآدمية؛ والإشارة إلى أن القفز إلى المستقبل؛ لا يحققه سوى من يحترم الأمانة العلمية والعقلية؛ لتحقيق كل ما يصبو إليه الوطن والمواطن، وأن: "...الإنجازات يا جماعة ما بتجيش بالدلع، البلاد بتتبني بالصبر والعرق والشرف..."، ويقول ـ بالمحسوس ـ أن للصبر حدودًا؛ يجب ألا يقفز فوقها كل من له مصلحة في ضعف وهدم هذا البلد الأمين؛ وأن موازين القوى في صالح المستقبل؛ ولن تقف حجر عثرة في طريقنا أي قوى غاشمة؛ تدين بالولاء والانتماء لجماعات الشر والأشرار، الذين أشارت إليهم كلمة الرئيس.
وفي غمرة هذا الغضب المحسوب والمقنَّن من فكر الرئيس، لم ينس الرجل في غمرة التحذير؛ أن يوجه الشكر العميق لرئيس الوزراء الذي كان له فضل السبق في اكتشاف حقل (ظهر) للغاز الطبيعي؛ حين كان يشغل حقيبة وزارة البترول! ولم يأخذه الانفعال وتبيان مدى الغضب في لحظات؛ ليعود إلى طبيعته السمحة المتواضعة؛ لتوجيه الشكر إلى من كان له قصب السبق في اكتشاف حقل الخير والنماء على أرض بورسعيد الباسلة.
هذه هي طبيعة القيادة ؛ التي تعرف متى تلوِّح بالعصا الغليظة ضد "الخوارج"، ومتى تمنح الشكر العميق لكل صاحب فضل على إنتاجية أرض الوطن ومردوده النفعي على كل البشر على ربوعه؛ هذه هي الشخصية المتوازية مع النفس والروح والوجدان، وهذه التركيبة الجميلة من البشر؛ هي ما ستدفعنا إلى صناديق الاقتراع على اختياره لتولي القيادة الحكيمة في الحقبة المقبلة؛ ليحقق العدل والنماء على أرض المحروسة.
الصناديق في انتظار كل مصري محب غيور؛ ويعرف دائمًا أن "للصبر حدود" ليست كلمات تتردد فقط للاستهلاك في دنيا الحُب والمحبين.
و"تحيا مصر" بقيادتها الوطنية الصادقة.
كلمات البحث