Close ad

هلاوس امرأة.. النوتة الموسيقية

18-1-2018 | 00:12

منذ عدة سنوات، أصبحت السياسة ملكة أي حوار أي كانت أطرافه، فلا يخلو لقاء من التطرق للحديث عن أحوال البلد وظروفها وقضاياها الداخلية والخارجية أيضًا.

في إحدى تلك الأحاديث استوقفني، بل وأعجبت جدًا بفكرة وتحليل طرحه صديق عزيز؛ حيث قال، إن مصر منذ عزفت سيمفونية النجاح المبهر في أكتوبر ٧٣، لم تعزف إلا قليلا مقطوعات فيها انسجام بين جميع العازفين.

فالنوتة موجودة، لكن كل عازف يعزف ما يحلو له؛ حتى يخرج العمل الأخير عبارة عن نشاز مبتور، كان القول السائد والمشهور خلال التدريب علي سيمفونية أكتوبر"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"؛ حتى إن الشعب صاحب النكتة أطلق، أنه تم القبض على الشيخ النقشبندي؛ لأن صوته الجميل آنذاك علا فوق صوت المعركة.

أكتوبر ٧٣، كان اقتصاد حرب، إعلام دولة تؤمن بحقها في البقاء، رسالتها واحدة، غرضها واحد، عزمها وعزيمتها وإيمانها واحد لا يتزعزع، حكومة تقوم فقط بعمل دورها في إطار ما أشار به القائد لخدمة هدف واحد لأمة واحدة.

شعب ليس لديه إلا خيار واحد وهدف واحد، لا أحد يعترض على زحام المواصلات، واختناق المرور، ونفاد الخبز والملح، وانقطاع الكهرباء، وطابور البنزين، الجميع يعزف سيمفونية واحدة بقيادة واضحة، ويبدع تحت ضغط الظروف، ليؤدي بأفضل ما عنده، وجاء الإنجاز والنصر مدويًا.

وبدأ التناغم القومي في التراجع شيئًا فشيئًا، حتى اختفى تقريبًا في السنوات الأخيرة، فلا تلحظ إلا صوتًا نشازًا، أداءً مضطربًا مبتورًا لا يطرب، ولا يؤدي ولا ينتج ولا يثمر، النوتة والقائد شيء، والعازفون كل على ليلاه أو مناه أو إيمانه.

فنوتة تجديد الخطاب الديني، النوتة واضحة، القائد يشير ببدء العزف طبقًا للنوتة، الأزهر يعزف مقطوعة أخرى كلها دفاع عن السلف والقديم والأصولي، مع أنه يحمل آلة التجديد رسميًا، لكنه يحدث ضجيجًا يشبه طبول الحرب.

الليبراليون يولولون بدلا من التناغم مع النوتة، الحكومة لا تسمع، وهي المثقلة بمشكلة الخبز والكهرباء، فلا تعزف أصلا، والإعلام يفتح أبوابه على مصراعيها لدعاة التكفير، فتوقف العزف والعمل تعطل.

نوتة التعداد، القيادة تصرخ، والشعب منهمك في التكاثر، والأزهر يرى عبر علمائه أن الثروة البشرية وصحة الأمة في التكاثر، والإعلام غير مهتم، فهذا الموضوع ليس بسخونة الرشاوى والفضائح والأسرار الحميمة للمشاهير والفنانين، وفضائح الجاسوسية للساسة والنشطاء، والجميع يعلم علم اليقين أنها أكثر قضايا الأمن القومي حساسيةً.

نوتة ختان الإناث وزواج القاصرات، أو الأطفال إن جاز التعبير، القيادة تطلب والحكومة بلا آلية أو حراك، والأزهر محتار يرضي من؛ لكن الغلبة عنده في الأخير للسلف الصالح، الأطباء الشبان بين السلفية والميل النقابي للأصولية، وضيق ذات اليد والسبوبة، دايرين يقطعوا في أجساد البنات في عمر الزهور، ويسننونهن بغرض الزواج المبكر، أما القضاء والنيابة فحدث ولا حرج، التجريم موجود والقانون موجود والعقوبات موجودة "بس ابقى قابلني لو صدر حكم واتنفذ". - هذا فيه اتهام صريح للقضاء -.

اعزف لي لو سمحت لحن المواطنة، والنسيج الواحد وعنصري الأمة، ثم اسأل عن قانون بناء الكنائس الموحد ولائحته التنفيذية، عشوائية بناء زوايا الصلاة وقدسيتها وحصانتها ضد القانون، الأحكام التي تصدر من القضاء ضد أي معتد أو قاتل لقس أو حارق لكنيسة؛ بعيدًا عن المجالس العرفية المخزية، حتى الكنائس التي تم حرقها، الجيش بناها؛ ولكن الجاني لم يعاقب.

كم أتمنى مثل صديقي أن نعود لنعزف سيمفونية واحدة مع بعض.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة