المتحدث الرئاسي ينشر صور الرئيس السيسي أثناء افتتاح البطولة العربية للفروسية العسكرية بالعاصمة الإدارية | إشادة دولية.. الهلال الأحمر يكشف كواليس زيارة الأمين العام للأمم المتحدة والوفد الأوروبي إلى ميناء رفح | قرار من النيابة ضد بلوجر شهيرة لاتهامها بنشر فيديوهات منافية للآداب العامة على المنصات الاجتماعية | الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة | "الحوثيون": استهدفنا مدمرة أمريكية في خليج عدن وسفينة إسرائيلية بالمحيط الهندي بطائرات مسيرة | الطرق الصوفية تحتفل برجبية "السيد البدوى" فى طنطا | الإسماعيلى .. برنامج تدريبي جديد لتجهيز اللاعبين استعدادًا للقاء الأهلي الأربعاء المقبل باستاد برج العرب | رئيس تنشيط السياحة: الخزانة العامة تستفيد بـ 35% من تذاكر الحفلات العالمية بمصر | حزب "المصريين": حضور السيسي فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية رسالة مهمة للشباب العربي | أستاذ علوم سياسية: المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان تزيد من تفاقم الحروب |
Close ad

معزوفة مصر المتأزمة المتعثرة

9-1-2018 | 12:09

يسألونك عن شيئين لا ثالث لهما: الأمن دائمًا والسياسة أحيانًا. تندهش حين يحدثونك بلهجة واثقة جازمة بأن مصر ليست آمنة. وتُصدم حين يسألونك: وكيف تعيش في ظل القمع والقهر والاختفاء القسري؟! والغريب أنهم لا يسألونك بحثًا عن تأكيد أو نفي المعلومة، ولكنهم يبحثون عن مزيد من الحجج والروايات التي يعتقدون أنها حتمًا تصب في الاتجاه الذي يعتنقونه.

تعتنق الغالبية في الغرب مناهج مستقاة مما يعرض عليهم من برامج وتغطيات ومقالات صحفية أغلبها لا يدور إلا في فلك حادث إرهابي، أو يتعلق بمسارات سياسية مسدودة، هذه المناهج التي تتطابق وأوركسترا "الجزيرة" ذات المعزوفة الوحيدة عن مصر المتأزمة المتعثرة المتكدرة المتأخرة المتقهقرة لا يعتنقها مواطنو الغرب نكاية فينا، أو للتآمر ضدنا، أو لإلحاق الضرر بنا، ولكنه ما يعرض عليهم بالطريقة التي يفهمونها.

وأفهم أن نغضب ونحتد ونسخط من الصورة الملتبسة غير الدقيقة المنقولة عنا، ولكن ما هو غير قابل للفهم أن نغضب وكأننا في خناقة، ونحتد بيننا وبين بعضنا البعض، ونسخط وننتظر أن تتحول التغطيات الغربية من السلبية إلى الإيجابية ومن الضبابية إلى الوضوح دون أن نبذل جهدًا أو نشغل هذا الشيء الرخو الكامن في داخل الجمجمة.

جماجمنا تصدعت وتخلخلت لكثرة ما عاصرناه وخضناه على مدى عقود طويلة، فالضربات متلاحقة، والتطويقات متواترة، والمكاشفات والانكشافات قادرة على أن تصيب أعتى شعوب الأرض في مقتل، وحين يقول سائق الـتاكسي غاضبًا ساخطًا: "نحن نكلم نفسنا يا أستاذة. وهما بره بيشوفوا عمرو أديب والإبراشي؟" فإن هذا يعني أن المخيخ مازال بخير والمخ يعمل بكامل قدرته.

قدرة برامجنا التليفزيونية ونجاح إعلاميينا في توصيل معلومات وتحليلات بعينها إلى ملايين المشاهدين أمر مصري داخلي، لكن حين يسافر المصري إلى الغرب، ويجد نفسه مطالبًا بتفسير ما لا طاقة له به، وتوضيح ما يراه هو نفسه غامضًا، فإنه ينظر بألم وحسرة إلى بلاده.

في بلادنا نواجه الشرور وندرأ المفاسد ونمنع المساخر عبر حجبها ومنعها، لكن ما هو محجوب لدينا مرئي لدى الآخرين، وما هو ممنوع عندنا له الكلمة العليا لدى الملايين في بلاد بعيدة.

وما تبثه قنوات ومواقع وصحف باعت نفسها شكلاً أو مضمونًا أو كليهما لجماعات إرهابية أو أنظمة تدعمها وحكومات تساندها صار غير قابل للمشاهدة لدينا (إلا عبر عفاريت الإنترنت القادرين على مشاهدة المحجوب ومتابعة المحذوف)، لكنه مشاهَد ومتابَع ومتوائم تمامًا مع مؤسسات إعلامية غربية عريقة باتت تتحدث وكأنها أذرع إعلامية لجماعات من الإسلام السياسي.

الإسلام السياسي - متمثلاً في جماعة الإخوان المسلمين- ما زال يُنظر لها من قبل جهات عدة في الغرب تعتبره فصيلاً وطنيًا وحزبًا سلميًا وكيانًا وسطيًا، وسواء كان ذلك ناجمًا عن قناعات سياسية أو مصالح دولية أو ضغوط من هنا وهناك، فإن النتيجة تظل واحدة، صحف أمريكية عريقة تفقع مرارتنا بين الحين والآخر بمقالات مسمومة وموضوعات مشمومة، وأخرى بريطانية لا تنسى سم "الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المدني محمد مرسي" في عسل "عودة مصر إلى الساحة الدولية"، وثالثة ألمانية لا تكف عن الإشارة إلى "الاختقاء القسري" و"عنف الدولة" و"آلاف الشباب المختفي في السجون"، وغيرها كثير.

وبرغم أن أغلبها مؤسسات إعلامية عريقة ذات أسماء براقة، فإنها صدى الصوت الذي يظهر بعدها أو قبلها أو أثناءها في قنوات مثل "الشرق" و"مكملين" و"الجزيرة" وغيرها يجعل الأمر واضحًا بالنسبة لنا، لكن ماذا عنهم؟ كيف للمصري أن يفسر لصديق أمريكي أو بريطاني أو ألماني أن ما ينقله إعلامه العريق يجانبه الصواب ويخاصمه الحياد؟ هؤلاء لا يفهمون زعيقنا المسائي الفضائي، أو هرينا الصباحي على "فيس بوك"، أو حتى ميولنا الوطنية التي عكرتها شرين في "ماشربتش من نيلها؟" هؤلاء يفهمون تغطية خبرية وتحليلاً من أهل التحليل.

أهل التحليل الذين يؤكدون ويجزمون بأن ما يقال عن أمان النساء في مصر، وتعرض الغالبية المطلقة المخمرة والمحجبة والمنتقبة وبدون للتحرشات الجسدية واللفظية والنظرية، ما هو إلا مبالغات يغالطون أنفسهم، والمدافعون عن مصر وسمعتها وصورتها والرافضون لما يُنعت به كثيرون من نعوت النصب والاحتيال والسمسرة دون وجه حق بدءًا بالسايس في الشارع، مرورًا بسائق التاكسي الذي يرفض تشغيل العداد، وانتهاء بطلب خمسة آلاف جنيه للتنقيب عن الآثار تحت البيت، وتعمد تعطيل العمل إلا بعد تقاضي الرشوة وغيرها يضحكون على أنفسهم، هذه وغيرها ضمن عوامل شعور الناس بالأمان أو افتقادهم له.

وفي السفرة القادمة، وقبل أن تسألني صديقة أمريكية عما وصلت إليه معدلات التحرش، وقبل أن يستفسر مني زميل بريطاني عن الظلم والقهر والاختفاء القسري، سأتصل بالحكومة أسألها عن الإجابات النموذجية، وكنا نتمنى أن تطرح هذه الإجابات في قناة مصرية تخاطب العالم بلغته الفكرية، وتنافس الآخرين دون شرشحة أو مبالغة، كما نحلم بمؤتمرات صحفية دورية للإحاطة بما يجري والإجابة عما يستشري.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الحداية والكتاكيت و"أونروا"

الحداية والكتاكيت و"أونروا"

من ألماظة لميدان سفير

من ألماظة لميدان سفير

"صلاح".. وتوليفة القوى الطاردة

"صلاح" وتوليفة القوى الطاردة

خروف ببدلة ومعايدات مليونية

خروف ببدلة ومعايدات مليونية

مراكز الشباب والإنقاذ السريع

مراكز الشباب والإنقاذ السريع

هويتنا المسلوبة

هويتنا المسلوبة بعد الربيع العربي في يناير 2011

البشر وطريق السويس

أقطع طريق القاهرة السويس من الشروق ومدينتي إلى مصر الجديدة ووسط القاهرة والعودة يوميًا؛ لذلك أعتبر نفسي مرجعية في هذا الطريق، لا سيما أنني لا أكتفي بمجرد

قليل من التدقيق لا يضر

في هذا المكان قبل سبعة أسابيع بالتمام والكمال، كتبت مقالاً عنوانه "إشاعات شائعة"، وبرغم أن الأجواء العنكبوتية والأحاديث الشارعية حينئذ لم تكن قد بلغت ما

سكان يسيرون على أربع

سكان يسيرون على أربع إنهم الكلاب والقطط والدواب

كثرة غثاء السيل

إنجاب الأبناء والبنات سمة من سمات البشرية، وتحديد العدد صفة من صفات العقلاء.

تعدية الشارع

"تعدية الشارع"! عبارة تبدو قصيرة وتقدم نفسها باعتبارها تحصيل حاصل، ليس هذا فقط، بل إن البعض يتعامل معها وكأنها سمة طبيعية من سمات الحياة اليومية، لكن كلا

عن الكرة والشارع والرمز

الغضب والحزن والهري ستستمر أيامًا، ثم ما تلبث أن تذهب إلى حال سبيلها، ولن تعود إلا بحدوث موقف أو موقعة أو حادث مشابه لتعاود عملها بكامل عدتها.

الأكثر قراءة